الفلسفة السياسية تعريفها وتطورها من العصور القديمة حتى الآن

في هذه المقالة وضحنا في البداية تعريف السياسية، وتعريف علم السياسة، ثم وضحنا تعريف الفلسفة السياسية، وتعريف النظرية السياسية، ووضحنا تطور الفلسفة السياسية من العصور القديمة حتى الآن.

تعريف السياسة

لغويا توحي لفظة سياسة بشيء يتعلق بالشؤون العامة للبشر، وفي اللغة العربية اشتقت كلمة «سياسة» من كلمة «سوس» بمعنى رئاسة، و«ساس» الأمر أي قام به، والسياسة تعني القيام بأمر من أمور الناس بما يصلحه، (وكلمة أمر شائعة الاستعمال بمعنى حكم ودولة)؛ وفي الأصل اللاتيني تعني لفظة «سياسة» تدبير شؤون الدولة أو المدينة، وأصبحت الآن تعني كل ما يتعلق بشؤون الدولة والعلاقات بين الدول وخطط الأفراد والجماعات الهادفة إلى تحقيق أهداف معينة.

ويمكن تعريف «السياسة» أيضاً بأنها الأهداف التي تسعى جهة (أو حكومة) ما لتحقيقها تجاه جهة أو جهات معينة، والوسائل التي تتبعها أو تفكر في إتباعها تلك الجهة لتحقيق تلك الأهداف، فالسياسة التعليمية مثلاً لجهة ما هي الأهداف التعليمية التي تسعى تلك الجهة لتحقيقها تجاه جهة أوقطاع معين، والوسائل التي تستخدمها تلك الجهة لتحقيق أهدافها، ويلاحظ هنا أن كلمة «سياسة» استعملت بمعنى الخطة “الخطة التعليمية”؛ وتكتسب كلمة «سياسة» المعنى السياسي (السلطوي) إذا تعلقت – بشكل أو بآخر بظاهرة السلطة السياسية، فسياسة حكومة (أ) نحو البلد (ب) مثلاً، يمكن تعريفها بأنها: الأهداف التي تسعى حكومة (أ) لتحقيقها قبل أوتجاه البلد (ب)، والوسائل التي تتبعها (أو تفكرفي اتباعها حكومة (أ))، لتحقيق تلك الأهداف. 

تعريف علم السياسة

يختلف تعريف «علم السياسة» بالطبع، باختلاف الزاوية التي ينظر منها المعرف إلى هذا العلم؛ ولذلك، توجد حاليا عشرات التعريفات ل «علم السياسة»، وحاليا أكثر التعريفات قبولاً وانتشارا  لعلم السياسة هو تعريف “ديفيد إيستون”، والذي ينص على أن: “علم السياسة هو: دراسة عملية التوزيع السلطوي للقيم المختلفة، من أجل المجتمع”؛ و”القيمة السياسية political value” هو اعتقاد كل شخص بكيفية ادارة الحكومة وكيفية انفاق اموال الضرائب علي الخدمات، بمعني اوضح “الصالح العام”.

فمثلا المواطنين يختلفون فى كيفية انفاق اموال الضرائب هل نجعل الأولوية هي تطوير التعليم ام تطوير الصحة ام بناء مصانع، فيوجد مواطنين لديهم المال الكافي للحصول علي التأمين الصحي الخاص والتعليم الخاص وستجدهم مع بناء المصانع وستجد من لديه ابناء صغار يفضل الانفاق علي التعليم لانه لا يملك المال الكافي للتعليم الخاص ومن لديه امراض او احد من الاسرة مريض يريد التوسع فى خدمات التامين الصحي العام وبناء المستشفيات لعلاج المرضي؛ فالقيمة السياسية لاي شخص باختصار هي رؤيته فى كيفية انفاق اموال الضرائب والصالح العام.

وعرف «هارولد لاسويل» علم السياسة، بأنه: “دراسة النفوذ وأصحاب النفوذ أو أنه: دراسة السلطة التي تحدد من يحصل على ماذا (من القيم المختلفة)، ومتى، وكيف”؛ أما ” دورثي بيكلز” عرفت علم السياسة بأنه: إن دراسة السياسة ” علم السياسة ” تنشأ عندما يتساءل الباحثون عن الأسس التي يحكم بموجبها أو التي حكم بناء عليها فى السابق وكذلك عندما يتساءل الباحثون ما إذا كانت تلك الأسس يتبغي قبولها الآن أم لا؛ ولماذا تسوس بعض المجتمعات أسسا مختلفة؛ وما إذا كان بالإمكان إيجاد أسس ومبادئ للحكم بالنسبة لمجتمع معين أو اكتشاف أسس عامة للحكم يمكن تطبيقها علي كل المجتمعات.

مقالة ذات صلة: علم السياسة – تعريفه، أهميته، فروعه

تعريف الفلسفة السياسية 

الفلسفة السياسية هي الفكر السياسي، ويمكن تعريف الفلسفة السياسية بأنها البحث الحر الاستدلالي في ظاهرة السلطة السياسية في المجتمع؛ و إذا كان علم السياسة هو عبارة عن مجموعة من المبادئ التي تم إثبات صحتها بالتجريب والتي تتعلق بالسلطة السياسية، فإنه يمكن تعريف الفلسفة السياسية بأنها مجموعة من المبادئ و الاستنتاجات التي لم يتم تحديد مدى صحة معظمها حتى الآن لسبب أو أخر والتي تتعلق بالسلطة السياسية.

مقالة ذات صلة: الفلسفة السياسية تعريفها وتطورها من العصور القديمة حتى الآن

تعريف النظرية السياسية

النظرية السياسية هي فرع من فروع العلوم السياسية الذي يدرس ويحلل بشكل منهجي الأفكار والمفاهيم والأيديولوجيات والقيم السياسية، ويهدف إلى فهم طبيعة العلاقات السياسية، وممارسة السلطة، والمبادئ التي تقوم عليها النظم السياسية؛ وتتناول النظرية السياسية أسئلة أساسية حول الحكم والعدالة والسلطة وتنظيم المجتمع. وتنقسم النظرية السياسية الي نوعين وهما النظرية السياسية القياسية والنظرية السياسية التجريبية، وغالبًا ما يتعامل الباحثون في النظرية السياسية مع النصوص التاريخية والمعاصرة لتطوير أطر لتفسير وانتقاد الظواهر السياسية.

مقالة ذات صلة: النظرية السياسية: ما هي، أهميتها، أنواعها

تطور الفلسفة السياسية

وكثيرا ما تتبع دراسة تطور «الفلسفة السياسية» عبر العصور المختلفة، التقسيمات التاريخية التقليدية التالية:

اولاً:- العصور القديمة

العصور القديمة تبدأ ببدء العصور التاريخية وتنتهي سنة ٤٧٦ م كما يتفق الكثير من المؤرخين، أي بتاريخ سقوط روما (عاصمة الإمبراطورية الرومانية الغربية) على يد القبائل الجرمانية (التيوتونية) المتبربرة، وعادة ما تقسم دراسة الفكر السياسي في العصور القديمة إلى ثلاث أقسام رئيسية متتابعة وهي:

أ. الفكر السياسي في بلاد الشرق القديم

و هي: مصر – بلاد الرافدين – الهند – الصين.

ب. الفلسفة أو الفكر السياسي في اليونان القديمة

وهي الفلسفة الأصلية التي يعتبرها كثيرون هي أرقى وأعمق الفلسفات الإنسانية حتى الآن وتعد جزءاً قيما في التراث الفكري الإنساني وذلك نتيجة لما قدمته من مساهمة فكرية بالغة الأهمية، ونتيجة لتأثيرها الواضح في كل الفلسفات التي أعقبتها تقريبا، وقد تبلورت تلك الفلسفة خاصة خلال ما يسمي “العصر الذهبي” لأثينا، ذلك العصر الذي يعتبر أيضا “العصر الذهبي للفلسفة السياسية” بصفة عامة – (حتى الآن) – وقد امتدت هذه الفترة منذ القرن الخامس قبل الميلاد وحتى القرن الثاني قبل الميلاد (تقريبا)، رغم أن عصر أثينا (الذهبي) لم يدم إلا أقل من قرن واحد؛ وقد أرتقت تلك الفلسفة وبلغت ذلك الشأن العظيم بفضل كل من “أفلاطون” و “أرسطو”، أبرز فيلسوفين سياسيين – ربما حتى الآن.

ج. الفلسفة السياسية الرومانية

(٢٠٠ ق.م – ٤٧٦ م / تقريبا)، وهي الفلسفة التي نشأت عقب الفلسفة الإغريقية، وقامت مبادئها على نفس الفلسفة الإغريقية، فكانت مقلدة – يندر فيها الإبداع ويكاد ينعدم الجديد، وتبدأ هذه المرحلة ( فترة سيادة الفكر السياسي الروماني) بظهور كتاب “بولبيوس” في القرن الثاني الميلادي وتنتهي ببداية العصور الوسطى.

ثانياً:- العصور الوسطى

وتبدأ هذه الحقبة (الفترة) زمنياً بتاريخ سقوط روما و زوال الإمبراطورية الرومانية الغربية على يد القبائل الجرمانية المتبربرة سنة ٤٧٦م، وتنتهي بسقوط القسطنطينية (الأستانة أو إسطنبول حالياً) عاصمة الإمبراطورية الرومانية الشرقية على يد الأتراك المسلمين العثمانيين بقيادة “محمد الفاتح” وذلك في عام ٣ه١٤م؛ ويمكن تقسيم فترة العصور الوسطى إلى قسمين:

أ. الفكر السياسي في مرحلتي صدر المسيحية والإقطاع

وقد بدأت هذه الفترة بظهور الدين المسيحي في الجزء الأخير من العصور القديمة؛ وتقارب الفلسفة السياسية مع مبادئ الدين المسيحي ساعد في ظهور فئة من الفلاسفة السياسيين (المسيحيين) الذين قدموا أفكار سياسية قائمة على مبادئ الدين المسيحي، وكان في مقدمة المواضيع التي خاضوا فيها هي الدولة ورسائلها، والعلاقة (كما يجب أن تكون) بين الدولة والكنيسة؛ ثم كان عصر الإقطاع ودخلت الدولة في المرحلة “الخامسة” من تطورها التاريخي – وبدأ عصر الإقطاع – كما يحدد المؤرخين بزوال إمبراطورية شارلمان سنة ٨١٤ م، ثم بدأ في التلاشي في أوربا منذ القرن الثالث عشر الميلادي وتحت ضغوط التغيرات العلمية والفكرية والتقنية الجديدة.

وساد في عصر الإقطاع خليط من الأفكار المسيحية والأفكار التي تجسد تفكك الإمبراطوريات والممالك آنئذ وقيام الدويلات الإقطاعية، كأهم الوحدات السياسية في أوربا المسيحية في تلك الفترة؛ واستمر عصر الإقطاع القائم في بعض.جوانبه على مبادئ الفكر المسيحي في العصور الوسطى حتى بزوغ عصر النهضة ومقدمة العصور الحديثة وبدأ ظهور وقيام الدول القومية. وأبرز فلاسفة المرحلة المسيحية – الإقطاعية هم .جون سالسبري – القديس توماس – دانتي اليغري – مارسيليو بادو

ب. الفكر السياسي في صدر الإسلام

الفلسفة السياسية في الإسلام يمكن النظر إليها من زوايا متنوعة ومن خلال مواقف متعارضة، فالمستشرقون يتهمون هذه الفلسفة بالعجز عن صياغة المفاهيم السياسية وإنها تابعة للفلسفة اليونانية، كما أن العديد من علماء الدين والمفكرين العرب شككوا بوجود فلسفة سياسية إسلامية، وشخصياً لن استطيع حاليا كتابة مقالة عن الفلسفله الإسلامية لانها ستحتاج الكثير من والوقت والبحث والمجهود وسأكتفي بالإحالة لمصدر فى آخر المقالة يستحق منك الإطلاع، وقد قمت بوضعها فى المصادر لكي يطلع القارئ المهتم علي افكار اخرى ناقشت الفلسفة فى الإسلام، وسأكتفي في هذا المقام بالإشارة لفكر ابن خلدون

فكر ابن خلدون

هو عبد الرحمن بن محمد بن خلدون، ولد في تونس يوم ٧٣٢/٩/١ هجرياً وكانت أسرته قد نزحت من الأندلس إلى تونس في أواسط القرن السابع الهجري، وهي أسرة يمنية (حضرمية) الأصل ترجع إلى نسبها إلى الصحابي الجليل وائل بن حجر رضي الله عنه كتب عدة مؤلفات وتولى عدة مناصب في تونس ومصر وتوفي في القاهرة يوم ٨٠٨/٩/٢٥هـ,

وابن خلدون له مؤلف ضخم وهام، سماه «كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر، في أيام العرب والعجم والبربر، ومن عاصرهم، من ذوي السلطان الأكبر»، وقد قدم ومهد لكتابه هذا بمقدمة إضافية ومطولة اشتهرت باسم «مقدمة ابن خلدون»، وهي تمثل «الجزء الأول» من كتابه المذكور؛ وفي هذه المقدمة، تعرض ابن خلدون لذكر أسباب العمران، ودواعي الاجتماع الإنساني وشؤونه، أي أنه اهتم بالدرجة الأولى بالكتابة في «الاجتماع»، فاعتبر بذلك من مؤسسي هذا العلم ومن أوائل رواده.

كما إنه تعرض إلى الكتابة في السياسة، حيث تطرق إلى ذكر أسباب قيام الرئاسة (الحكومة)، وأبرز دور العصبية في هذا الشأن وفي تكوين الوحدات السياسية، وبين أسباب قيام الدول وأسباب إنهيارها؛ وسنوجز فيما يلي فكرة «العصبية» لدي ابن خلدون،و«عمر الدولة» في رأيه.

أ. العصبية فى رأي ابن خلدون

تعني ميل الأفراد لأقاربهم وعشائرهم، ووقوف الفرد مع أهل عشيرته ضد كل من يريد إلحاق الضرر بهم، كما تعني تحزب ذوي العصبية الواحدة (الأقارب) وتكاتفهم مع بعضهم البعض، ومحاولة ظهورهم ككيان واحد في مواجهة الآخرين؛
ويرى أن التعصب للأهل أو للعشيرة الواحدة هو غريزي – طبيعي فى كل البشر. كما يرى ابن خلدون أن الإنسان ميال دائماً إلى الاتحاد مع أقاربه وذوي عصبيته في الخير والشر، ومع ذلك فإن العصبية بمعنى التلاحم والتعاون والمناصرة، وهي تنشأ أيضاً عن طريق الولاء والحلف، وهما يعنيان دخول فرد أوجماعة ما في معاهدة مناصرة مع جماعة أخرى.

ويقول عن النسب هو أمر وهمى، ولكن له نفعاً يتمثل في تضامن الأقرباء وذوي العصبية الواحدة، وبين ابن خلدون كيفية اختلاط الأنساب وذوبان العصبيات فيما بينهم، وأوضح أن العبرة بانتهاء الفرد إلى.جماعة ما إنما هي في “جريان أحكامهم وأحوالهم عليه”؛ ويُرجع ابن خلدون قيام الدولة إلى ضرورة العيش المشترك التي يحتاج إليها الناس، فالإنسان مدني بطبعه، والدولة في رأيه تقوم على العصبية، فتكون الدولة في يد القرع القوي من أبناء تلك العصبية وتنتقل في حالة وجود عصبية أقوى من تلك العصبية التي تحكم.

ويرى ابن خلدون أن الغاية الكبرى من العصبية هي الملك أو الحكم، لأن ذلك يعطيها المزيد من القوة والمنعة؛ كما يرى ابن خلدون أن الدين مهم في الدولة – أي دين – فهو يضمن تماسكها وانصياع الناس لها، لأن الدين يدعو إلى التسامح ويقضي على التنافس الموجود فيما بين العصبيات المختلفة، ويرى أن الدعوة الدينية لا تنتشر ولا تسود إلا إذا تبنتها عصبية قوية ما؛ كما بين أن حجم الدولة ومساحتها إنها يعتمد على حجم العصبية الحاكمة ومدى نفوذها.

ب. عمر الدولة في رأي ابن خلدون

للتوضيح:- كلمة دولة فى اللغة العربية مشتقة من فعل الدوران والتعاقب أي التداول ويؤيد ذلك المعنى قوله تعالى: “وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ” (آل عمران، آية 140)، بمعنى أن الأسر الحاكمة تتداول الحكم فيما بينها، فمصطلح الدولة فى الإسلام يدل علي حاكم او مجموعة حكام (غالبا من أسرة واحدة) يتداولون الحكم فيما بينهم مثل الدولة الأموية والدولة العباسية ودولة هارون الرشيد؛ ويرى ابن خلدون أن “الدولة” لها أعمار طبيعية كما للأشخاص، فيرى ابن خلدون أن عمر الدولة ( منذ نشؤها إلى انهيارها) يشبه العمر الطبيعي في – المتوسط – للأشخاص وهو ١٢٠ سنة لا تزيد عن ذلك إلا نادراً – وفي الحالات الاستثنائية، حيث أن الدولة في رأيه لا يتعدى عمرها ثلاث أجيال متعاقبة هي كالتالي :

  1. الجيل الأول: متعود على عيش الشظف والخشونة – وتتحكم فببه العصبية بشكل كبير وحاد، ولذلك يكون الجيل الأول ”مؤسس الدولة” مرهوب الجانب وقوي الشكيمة، الأمر الذي ينتج عنه تسليم الناس له بالملك والحكم.
  2. الجيل الثاني: يأتي بعد الجيل الأول من الحكم ( بعد ٤٠ سنة)، وقد تحول حال الجماعة في ذلك الوقت أو تلك الفترة على حالة ترف وبذخ نتيجة لسيطرتهم ونفوذهم، حيث تكون البداوة قد فارقتهم… وتحضروا فانتقلوا إلى عيش الرفاهة واليسر، وذلك يؤدي إلى ركونهم إلى الاستكانة والدعة فتنكسر فيهم سورة العصبية بعض الشيء؛ ومع ذلك يظل الجيل الثاني من الحكم معتزاً بأمجاد سابقيه محافظا على ملكهم وفتوحاتهم، ويستمر ذلك أربعون عام.
  3. الجيل الثالث: يتميز الحكم خلاله بالدعة والترف… حيث يكونوا قد نسوا عهد الخشونة والبداوة – وكأن لم يكن – وفقدوا سورة العصبية بسبب ما أصبحوا فيه من جاه وسلطان، فيدب فيهم الترف ويعيشون عيشة ناعمة رغده وينسون أمر الحرب والنزال… الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى انتشار الكسل والجبن فيهم، ومن ثم الضعف والهزل؛ فيعجزون عن محاربة أعدائهم والمتربصين بملكهم، وتنهار دولتهم عند أول هجوم عليها وتفني لأنها بلغت في الجيل الثالث مرحلة الهرم بسبب تنعم حكامها وعدم قدرتهم على الحرب والدفاع عنها فتقوم دولة أخرى تحكمها فئة من العصبية الأقوى من تلك التي هرمة و انهارت وهكذا بالتتابع على مر الزمان. ويقول ابن خلدون أن الدولة لا تتجاوز عمرها، إلا أن عرض عارض طارئ… كتأخر غزوها من قبل الطامعين فيها.

مقالة ذات صلة: مفهوم الدولة ونشأة الدولة والنظريات المفسرة لها

ثالثاً:- العصور الحديثة

وتبدأ هذه العصور بانتهاء العصور الوسطى في عام ٣ه١٤م، وهناك من يؤرخ لبدئها باندلاع الثورة الفرنسية عام ١٧٨٩م، أما تاريخ انتهائها فهو محل جدل كبير بين المؤرخين وتعتمد طريقة تقديم الفلسفة السياسية لهذا العصر عادة بعرض أفكار أهم الفلاسفة السياسيين الذين ظهروا منذ بداية القرن الخامس عشر الميلادي بناء على التسلسل الزمني لمجيء كل فيلسوف؛ ونجد أن العصور الوسطى تندثر بظهور ما يسمى ب “عصر النهضة” في أوروبا، وهو العصر الفاصل بين نهاية العصور الوسطى ودخول الحديثة، أي أن العصور الحديثة بدأت بعصر النهضة الذي سبق مجيئها، وتبلور روحها الحضارية المعروفة.

وتبدأ العصور الحديثة بحدوث تطورات وتحولات جذرية كبرى في حياة البشر، فقد شهد الجزء الأول من العصر الحديث بداية تبلور الشعور القومي وقيام الدول القومية وانطلاق «الثورة الصناعية»، وبداية منعطف جديد في الفكر والعمل الإنساني؛ وشهد الجزء المتأخر من هذه الفترة ظهور فلسفات وأفكار (قائمة على ما سبقها من فلسفات)، كان وما زال – لها أثر بالغ على حياة الإنسان المعاصر، وربما إنسان المستقبل.

رابعاً:- الفترة المعاصرة

وسنعتبر أن هذه الفترة تبدأ منذ بداية القرن العشرين وتستمر حتى الآن (أو نقول حتى حصول تحول حضاري جذري آخر في مسار التاريخ البشري)، ومن أهم أحداث وسمات هذه الفترة : استتباب قوة القومية وتبلور مفهومها العام، هذا بالإضافة إلى نشوء وتبلور الأيديولوجيات السياسية الكبرى والتأكيد بأن “الديمقراطية” هي أسلوب الحكم الطبيعي و الأسلم” و البديل الوحيد لـ “الديكتاتورية”؛ حيث ان معظم افكار هذه الفترة تستند – بصفة عامة – على مبادئ الحرية والعدالة والمساواة والتكافل الإجتماعي، وكون الشعب هو صاحب السلطة والسيادة..

مقالة ذات صلة: الديمقراطية: تعريفها، أهميتها، أنواعها، مبادئها، مميزاتها ،عيوبها

المراجع

فى النهاية آخر نقطة انت من ستضيفها فى التعليقات، شارك غيرك ولا تقرأ وترحل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *