أهمية القانون في المجتمع ولحياتنا وضرورة القانون وأهدافه

في هذه المقالة نوضح في البداية تعريف القانون، ثم نتناول عشرة أسباب توضح أهمية القانون في المجتمع ولحياتنا، ثم نناقش أهداف القانون، وضرورة القانون؛ فهذه المقالة مهمة أنصح بشدة بالإطلاع عليها.

تعريف القانون

درج الفقهاء على تعريف القانون بأنه: “مجموعة القواعد العامة المجردة التي تنظم سلوك الأفراد في المجتمع، وتقترن بجزاء مادي يكفل احترامها”؛ والقانون وفقا لهذا التعريف هو القانون بمعناه العام، وهذا المعنى هو المستفاد من لفظ القانون عند إطلاقه.

غير أن اصطلاح القانون قد لا ينصرف إلى هذا المعنى العام، فقد يقصد به مجموعة القواعد القانونية التي تضعها السلطة التشريعية لتنظيم مسألة معينة، فيقال مثلاً قانون المحاماة أو قانون تنظيم الجامعات؛ وفي هذه الحالة ينصرف اصطلاح القانون إلى معنى أضيق من المعنى السابق، حيث يقصد به التشريع فقط، وللعلم التشريع ليس هو القانون بمعناه الواسع ولكنه أحد مصادر القانون.

مقالة ذات صلة: القانون: تعريفه، خصائصه، أهميته، أقسامه، مصادره، أقسامه

أهمية القانون

1. يحدد القانون معايير السلوك المقبول وغير المقبول

والقانون في أبسط مستوياته يتعلق بتخفيف حدة الصراع فى المجتمع؛ وعند وضع القوانين تحدد المجتمعات تحديداً دقيقاً لما يدفع إلى الصراع وتعمل على تجريمه، وبعض الأشياء واضحة – مثل القتل والسرقة – وقد أدرجت في قوانين تمتد من العصور القديمة حتى الان؛ ومع ذلك، مع مرور الوقت وتغير المجتمعات، تتغير سلوكيات الناس وما كان مقبولاً في الماضي لم يعد مقبولاً والعكس صحيح، ولذلك تتكيف النظم القانونية بحيث يمكن أن توفر الوضوح والسياق للأعمال غير المقبولة، وكما أنها توفر مبادئ توجيهية للعواقب المناسبة.

2. القوانين توفر الوصول إلى العدالة

العدالة عمياء، لا يهم من تعرض للإعتداء او من قام بالإعتداء، ما يهم هو أن القانون قد تم خرقه؛ ويجب أن يتمتع كل فرد في المجتمع – وليس فقط قلة محظوظة – بالمساواة في الوصول إلى العدالة من خلال القانون.

3. القوانين تُبقي الجميع آمن

القوانين ليست فقط لمحاسبة المتسبب في الظلم والأذى، إنها تعمل على منع الظلم والأذي من البداية، وقوانين سلامة الأغذية هي مثال رئيسي على ذلك؛ ففي الماضي، كانت صناعة الأغذية غير منظمة بشكل مروع، وفي القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، اتخذ منتجو الأغذية الأميركيون تدابير متطرفة في سعيهم لتحقيق الربح، وقاموا بخلط الحليب بالماء وإضافة مواد مثل الطباشير لإكساب الحليب لون؛ وخلطوا الأوساخ في القهوة والشاي والتوابل وأضافوا الرصاص إلى البيرة والنبيذ. وفي عام 1906، أقر الرئيس روزفلت والكونغرس قانون الأغذية النقية والعقاقير، فضلا عن قانون تفتيش اللحوم؛ وكان ذلك بداية سلامة الأغذية الحديثة ورصدها في الولايات المتحدة الأمريكية. واليوم، تحمي قوانين سلامة الأغذية الجمهور في معظم دول العالم من التسمم الغذائي الذي يحتمل أن يكون قاتلا.

4. القوانين تحمي الأكثر ضعفا في المجتمع

تم تصميم العديد من القوانين خصيصا لحماية مجموعات معينة من الناس؛ فقوانين مثل قانون الحقوق المدنية (الولايات المتحدة) وقانون التمييز على أساس الجنس (أستراليا) تجعل التمييز بين المواطنين غير قانوني، وتحمي هذه الأنواع من القوانين ما يعرف ب “الحقوق السلبية”، وهو الحق في التحرر من شيء ما، مثل التمييز.  ويمكن التمييز ضد أي شخص، ولكن كما يظهر التاريخ، بعض الناس أكثر عرضة للخطر؛ ولذلك توجد القوانين التي تهدف إلى منع التمييز على أساس العرق والجنس والدين، وحماية هذه الجماعات بشكل أكبر، ومنحها فرص أفضل للوصول إلى العدالة.

مقالة ذات صلة: مصادر القانون – المصادر المادية والتاريخية والرسمية للقانون

5. عملية إنشاء القوانين تشجع المشاركة المدنية والسياسية

ومع تغير المجتمعات، يجب أن تتغير القوانين أيضاً، والتقدم في التكنولوجيا هي مثال رئيسي على سبب تغير المجتمعات؛ وفي الآونة الأخيرة، أصبحت الإباحية الانتقامية قضية رئيسية، فوفقاً لإحدى الدراسات، شارك حوالي 10 ملايين أميركي صورا جنسية صريحة دون موافقة الطرف الآخر فى العلاقة؛ وفي حين أن هناك قوانين على مستوى الولايات في امريكا لكن لا يوجد قانون اتحادي. وفي أستراليا، دعا التماس إلكتروني الجمعية التشريعية إلى تجريم الإباحية الانتقامية، واستمعت الجمعية؛ وهذا مثال عظيم على مشاركة الناس في عملية وضع القوانين وجعل القانون مسألة مهمة مع تطور القضايا.

 6. يعطي للناس مجموعة متنوعة من الخيارات الوظيفية

كمهنة، القانون متنوع ومتعدد الخيارات الوظيفية، لأن هناك الكثير من مجالات القانون المختلفة؛ فيمكن للمحامين التخصص في كل شيء من العقود إلى الهجرة إلى القانون الجنائي، ويمكن للشخص أن يصبح أستاذا للقانون، في حين أن هناك أيضا وظائف للمساعدين القانونيين والاستشاريين والباحثين؛ والنظام القانوني كبير، لذلك هناك مجال لجميع أنواع المهارات والخبرات.

7. القوانين مهمة للحفاظ على السلام

في وقت سابق من هذه المقالة، تطرقنا إلى كيفية تأثير القانون بشكل أساسي على تخفيف حدة الظلم ومنعه، وهذا يجعل القانون أساسيا للحفاظ على السلام، وذلك لأن الظلم يؤجج الصراع؛ فإذا سُمح للسلوكيات المدمرة بالازدهار دون علاج، فإن الناس سيعانون ويصبحون غير راضين عن حكومتهم؛ وإذا طبقت العدالة على نحو غير متكافئ، فإن ذلك يشعل نيران الصراع أيضا. ومن أجل السلام، تحتاج المجتمعات إلى تعزيز سيادة القانون وضمان أن يكون عادلا.

8. القوانين مهمة للتقدم الاجتماعي

لقد ناقشنا كيف يجب أن تتكيف الأنظمة القانونية وتتطور مع الزمن، فإذا ظلت القوانين راكدة، فإن المجتمعات ستظل كذلك؛ وعلى مر التاريخ، استخدم القانون كأداة للتغيير الاجتماعي، فكانت القوانين هي التي جعلت العبودية والفصل العنصري غير قانونيين، وتمنع القوانين الناس من الطرد من وظائفهم بسبب من يتزوجون أو بسبب الإعاقة. ومفهوم القانون كآلية للتغيير الاجتماعي معقد لأنه إذا كانت غالبية المجتمع لا توافق على القانون، فمن المرجح أن القانون لن يتم إنفاذه؛ ومع ذلك، وجود قانون على الكتب يعطي الناس سلطة أكبر مما لو كان القانون لم يكن موجودا على الإطلاق؛ إنه خطوة مهمة (وإن لم تكن بالضرورة الخطوة الأخيرة) إلى تغيير اجتماعي حقيقي.

9. القوانين تجعل حقوق الإنسان حقيقة واقعة

قالت قاضية المحكمة العليا سونيا سوتومايور ذات مرة: “إنني أؤمن إيمانا راسخا بسيادة القانون كأساس لجميع حقوقنا الأساسية”؛ والحقوق الأساسية هي حقوق الإنسان التي يحق لكل فرد الحصول عليها، ويشمل ذلك الحق في الحياة، والحق في الزواج، والحق في التحرر من التمييز، وأكثر من ذلك.  وهذه الحقوق مدرجة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ولكن تلك الوثيقة ليست ملزمة قانونا؛ وحتى تكون حقوق الإنسان حقيقة واقعة، يجب حمايتها من خلال القوانين؛ فبدون القانون، ستكون حقوق الإنسان مفهوما مجردا.

10. القوانين ليست دائما جيدة للمجتمع

حقيقة أن القانون يمكن أن تستخدم للضرر بالمجتمع هو السبب الأخير لماذا القانون هو مهم جدا، فالقوانين ليست دائما مفيدة للمجتمع فمن الممكن أن تكون مفيدة فقط لمجموعة مختارة؛ فيمكن ان تستخدم الحكومات القوانين لزيادة سلطتها ومعاقبة المنتقدين، وكما يمكن أن تكون القوانين إشكالية عندما تفشل في معالجة الأسباب الجذرية للمشكلة وحتى في نهاية المطاف تجعلها أسوأ.

مقالة ذات صلة: أقسام القانون والفرق بين القانون العام والخاص وفروعهما 

أهداف القانون

يجمع الفقهاء على أن القانون ليس هدفا في حد ذاته بل هو وسيلة لتحقيق هدف معين، وهو حفظ الأمن والاستقرار داخل المجتمع:-

1. ضمان احترام حقوق الغير

لعل أول ما يهدف إليه القانون هو تبصير الأفراد إلى كيفية احترام حقوق الغير، فالقانون يمنع أفعالا معينة تشكل اعتداء على هذه الحقوق مثل النهي عن القتل أو السرقة أو النصب، كما أنه في المقابل لذلك يتطلب أفعالا أخرى يضمن بها حفظ حقوق الغير مثل سداد الديون والوفاء بالتعهدات؛ فإذا خالف الأفراد القانون كانوا عرضة للجزاءات التي تتدرج بحسب جسامة المخالفة المرتكبة.

مقالة ذات صلة: الجزاء القانوني: تعريفه، خصائصه، تطوره، انواعه

2. تحقيق العدل

كذلك يسعى القانون إلى تحقيق وإسراء العدل بين الأفراد، وأبرز مظاهر العدل هي المساواة بينهم في الحقوق والواجبات، لا فرق في ذلك بين رجل وامرأة أو بين مسلم ومسيحي أو بين غني وفقير أو بين صاحب سلطة وأحد العامة، فالجميع يقفون على قدم المساواة أمام القانون؛ وقد حرصت دساتير العالم المختلفة على التأكيد على ضرورة إقامة العدل كهدف أساسي من أهداف القانون.

مقالة ذات صلة: الدستور: تعريفه، أهميته، خصائصه، انواعه، طرق وضعه وتعديله مع الأمثلة

3. توفير التسهيلات للأفراد لتنظيم شؤونهم

ويعتبر توفير التسهيلات للأفراد أحد الأهداف الرئيسية التي يرمي القانون إلى بلوغها، فالقانون يوفر الضمانات الكافية لمن يبيع أو يشتري ولمن ينخرط في علاقة عمل أو في وظيفة حكومية، كما يوفر القانون الضمانات المقررة للمستثمرين في مختلف مجالات الاستثمار، كذلك يضمن لهم -إذا لزم الأمر- تدخل سلطات الدولة للتأكد من استفادة الأفراد من هذه الضمانات.

ضرورة القانون 

أدركت المجتمعات البشرية منذ بداية ظهورها، وعلى مر العصور المختلفة، أهمية القانون لحياة الإنسان وضرورته لحفظ الأمن والنظام داخل المجتمع الذي يعيش فيه، وفي هذا القول المأثور أن : ” مجتمع بدون قانون هو غابة بلا ضابط ولا رابط يلتهم فيها كبيرها صغيرها ولا يأمن فيها المرء على نفسه وماله وأهله “؛ فمنذ أن خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان على وجه الأرض، وضع فيه مجموعة من الغرائز لتشكل في محصلتها النهائية ما يعرف باسم “السلوك الإنساني”، وهذا السلوك هو عبارة عن غرائز متنوعة تسيطر على الإنسان، فهناك مثلاٌ غريزة حب البقاء في الحياة، وهناك غريزة حب التملك، وهناك غريزة حب الاجتماع، فضلا عن غريزة حب الذات والميل إلى الأنانية.

وتعتبر غريزة حب الاجتماع مع بني البشر من أهم الغرائز التي سعى الإنسان إلى إشباعها، فهو لا يميل إلى العيش في عزلة خوفا من قسوة الحياة ومخاطرها، كما أن رغبته في العيش داخل الجماعة لا ترجع إلى حبه لها وتعلقه بها بقدر ما ترجع إلى اقتناعه التام بأنه بمفرده لن يستطع أن يشبع كل رغباته واحتياجاته، إذ دائما ما يقتضي الأمر تعاونه مع غيره من بني البشر من أجل تحقيق أكبر قدر من المنافع والفوائد؛ ومن هنا ظهر ما اعتاد الأفراد على تسميته ب “العلاقات الاجتماعية”.

والعلاقات الاجتماعية إذن هي الوسيلة التي يستطيع من خلالها الأفراد تلبية حاجاتهم المختلفة وإشباع رغباتهم؛ ولكن، في إطار هذه العلاقات الاجتماعية توجد مجموعة من الصراعات التي كان لا بد لها من ضابط يحكمها، فعلى الرغم من تسليمنا بأن الإنسان اجتماعي بفطرته وطبيعته، إلا أنه في المقابل لذلك يميل إلى الأنانية وحب الاستئثار بالفوائد والمنافع، حتى ولو كان ذلك على حساب الآخرين. ولذلك، كان من الضروري ايجاد قواعد معينة تحكم هذه الصراعات، أي تحكم سلوك الأفراد داخل المجتمع، ويكون هدفها الأساسي هو التوفيق بين رغبات كل فرد ومصالحة ورغبات الجماعة التي كثيرا ما تتعارض معها.

ومن هذا المنطلق ظهرت القواعد القانونية لتنظم العلاقات الاجتماعية وتحكم سلوك الأفراد في المجتمع، ولولا الدور الذي تلعبه القواعد القانونية في هذا الخصوص لعمت الفوضى وساد الاضطراب، ولما أمكن السيطرة على غرائز البشر ورغباتهم، ولما تحقق الاستقرار الذي ينشده كل مجتمع من أجل المزيد من التقدم والرقي.

مقالة ذات صلة: نشأة القانون وتطوره وتاريخ القانون ومراحله بالتفصيل

فى النهاية آخر نقطة انت من ستضيفها فى التعليقات، شارك غيرك ولا تقرأ وترحل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *