قواعد الدين والفرق بين قواعد القانون وقواعد الدين

في هذه المقالة وضحنا في البداية تعريف القانون، ثم تناولنا تعريف قواعد الدين، ووضحنا الفرق بين القواعد القانونية والقواعد الدينية من حيث الغاية والنطاق والجزاء بالتفصيل، وختمنا المقالة بتوضيح تأثير الدين على قواعد القانون، وأثر الدين في قوانين البلاد الغربية والشرقية.

تعريف القانون

درج الفقهاء على تعريف القانون بأنه: “مجموعة القواعد العامة المجردة التي تنظم سلوك الأفراد في المجتمع، وتقترن بجزاء مادي يكفل احترامها”؛ والقانون وفقا لهذا التعريف هو القانون بمعناه العام، وهذا المعنى هو المستفاد من لفظ القانون عند إطلاقه.

غير أن اصطلاح القانون قد لا ينصرف إلى هذا المعنى العام، فقد يقصد به مجموعة القواعد القانونية التي تضعها السلطة التشريعية لتنظيم مسألة معينة، فيقال مثلاً قانون المحاماة أو قانون تنظيم الجامعات؛ وفي هذه الحالة ينصرف اصطلاح القانون إلى معنى أضيق من المعنى السابق، حيث يقصد به التشريع فقط، وللعلم التشريع ليس هو القانون بمعناه الواسع ولكنه أحد مصادر القانون.

مقالة ذات صلة: القانون: تعريفه، خصائصه، أهميته، أقسامه، مصادره، أقسامه

خصائص القاعدة القانونية

ويمكننا أن نخلص من التعريف السابق للقانون بأن القاعدة القانونية تتميز بخصائص ثلاث:-

  1. قاعدة عامة ومجردة
  2. قاعدة تنظم سلوك الأفراد في المجتمع.
  3. قاعدة مصحوبة بجزاء توقعه السلطة العامة على المخالف.

مقالة ذات صلة: خصائص القاعدة القانونية – شرح بالتفصيل والأمثلة
مقالة ذات صلة: القواعد القانونية – القواعد الآمرة والمكملة تعريفها وأمثلة عليها

قواعد الدين

يمكن تعريف الدين بأنه مجموعة الأحكام التي يوحي بها الله سبحانه وتعالى إلى رسله يبلغوها إلى الناس حتى يعملوا بمقتضاها وإلا تعرضوا لغضب الله وعقابه.

وتنظم القواعد الدينية ثلاثة أنواع من الواجبات : 

يمكن تعريف الدين بأنه مجموعة الأحكام التي يوحي بها الله سبحانه وتعالى إلى رسله يبلغوها إلى الناس حتى يعملوا بمقتضاها وإلا تعرضوا لغضب الله وعقابه؛ وتنظم القواعد الدينية ثلاثة أنواع من الواجبات:-

  • النوع الأول:- هو واجب الإنسان نحو ربه؛ يسمى هذا النوع بـ “أحكام العبادات”، كالصوم والصلاة والزكاة والحج.
  • والنوع الثاني:- يحدد واجب الإنسان نحو نفسه؛ فيبين ما ينبغي على المرء الأخذ به من الفضائل وما ينبغي عليه اجتنابه من الرذائل. 
  • النوع الثالث :- واجب الإنسان نحو غيره من الناس؛ كمساعدة المحتاجين واحترام حقوق الغير، ويسمى هذا النوع ب “أحكام المعاملات”. وفي النوع الثالث من القواعد الدينية، التي تنظم واجب الإنسان نحو غيره من الناس، تتقارب القواعد الدينية مع القواعد القانونية؛ فكما يحرم الدين القتل والسرقة والتعرض لحقوق الغير، يعاقب القانون في نفس الوقت كل من يرتكب أحد هذه الأفعال.

مقالة ذات صلة: الفرق بين القواعد القانونية وقواعد المجاملات والأخلاق والدين

الفرق بين القواعد القانونية والقواعد الدينية

ولكن على الرغم من التقارب الواضح بين قواعد الدين وقواعد القانون إلا أنه يوجد في هذا الصدد بعض الفروق الجوهرية من حيث النطاق والغاية والجزاء، نجملها فيما يلي :

أ. من حيث النطاق

الدين أوسع نطاقاً من القانون، فالدين ينظم علاقة الإنسان بربه وعلاقته بنفسه وعلاقته بغيره من الناس، وبالتالي فهو يضع قواعد للحياة الدنيا والآخرة، أما القانون فلا يعنى إلا بعلاقة الإنسان بغيره من الناس، ولذلك نجده لا يتعرض سوى للأحكام الدنيوية فقط؛ وحتى في إطار الأحكام الدنيوية التي يشترك القانون مع الدين في تنظيمها، سنجد أن فارقاً جوهرياً يبرز في هذا الخصوص، وهو أن الدين يعتد بالبواعث والنوايا التي تكمن في السرائر، بخلاف القانون الذي لا يهتم سوى بالسلوك الخارجي للأفراد، ولا يأخذ النوايا في اعتباره إلا إذا صاحبتها أفعال مادية ملموسة تدل عليها.

ب. من حيث الغاية 

قواعد الدين شأنها، شأن قواعد الأخلاق، تهدف إلى الارتقاء بالنفس البشرية والوصول بها إلى مرتبة السمو والكمال، ولهذا فغايتها مثالية، على خلاف القواعد القانونية التي لها غاية نفعية لأنها تسعى في المقام الأول إلى استقرار وأمن المجتمع دون ما نظر للمثل العليا التي يجب أن يتحلى بها الإنسان.

ج. من حيث الجزاء

سبق أن أشرنا إلى أن الجزاء المترتب على مخالفة القاعدة القانونية هو جزاء حال غير مؤجل توقعه السلطة العامة في الدولة على المخالف فور ارتكاب المخالفة؛ والأمر يختلف تماماً بالنسبة لقواعد الدين، فالجزاء على مخالفة هذه القواعد يوقعه الله عز وجل على المخالف، وهو عادة ما يكون مؤجلا إلى يوم الآخرة، وإن كان تعجيل الله سبحانه وتعالى للجزاء في الحياة الدنيا أمراً متصوراً في كل الأوقات.

ويضاف إلى ما تقدم أن الإنسان يستطيع أن يتخلص من الجزاء الديني إذا تاب إلى الله توبة نصوحة وأقلع عن العودة إلى الرذيلة التي كان قد ارتكبها، على عكس الجزاء القانوني الذي لا يستطيع الإنسان أن يتخلص منه حتى ولو أعلن توبته وأقدم على القيام بالأعمال الصالحة؛ فعلى سبيل ممثال، لا يعفى السارق من العقوبة التي يقررها القانون حتى ولو أعلن توبته واستعداده للتبرع بالأموال التي سرقها للفقراء والمحتاجين.

تعريف الجزاء القانوني

الجزاء هو الأثر المترتب على مخالفة القاعدة القانونية، والغرض منه هو الضغط على إرادة الأفراد حتى يمثلوا لأوامر القانون ونواهيه، لأنه إذا كان القانون يهدف إلى كفالة الأمن والاستقرار في المجتمع، فإن هذا الغرض لن يتحقق إذا تركنا للأفراد حرية احترام القاعدة القانونية أو عدم احترامها.

لكن يجب ألا يفهم من ضرورة وجود الجزاء في القاعدة القانونية أن الأفراد لا يحترمون القانون إلا خوفا من الجزاء، ذلك أن غالبية الناس يحترمون القانون باعتباره ضرورة اجتماعية لابد منها لحماية النظام الجماعي وكفالة الأمن والاستقرار للجميع، وبديهي أنه كلما ارتقت الجماعة كلما رسخ في نفوس أفرادها احترام القانون؛ ولكن احترام الأفراد للقانون عن إرادة وشعور لا يغير شيئا من القول بأن القاعدة القانونية يجب أن تكون مصحوبة بجزاء، لأن العبرة ليست باحترام القانون طواعية، وإنما المهم أن يكون معروفا مقدما أن من يخالف القانون سيتعرض لجزاء يوقع عليه.

مقالة ذات صلة: الجزاء القانوني: تعريفه، خصائصه، تطوره، انواعه

تأثير الدين على قواعد القانون 

وعلى الرغم من الفروق البارزة بين القواعد الدينية والقواعد القانونية، إلا أننا لا ننكر التأثير المباشر لأوامر الدين ونواهيه على نشوء القواعد القانونية – مثلها تماماً مثل قواعد الأخلاق – بحيث تصطبغ بعض هذه القواعد بالصبغة الدينية؛ فالمشرع، عند وضعه لقانون معين، يأخذ في اعتباره ما يمليه الدين في هذا الصدد حتى يجئ القانون معبراً أصدق تعبير عن أفكار المجتمع منسجماً مع معتقدات أفراده.

مقالة ذات صلة: قواعد الأخلاق والفرق بين قواعد القانون وقواعد الأخلاق

أثر الدين في قوانين البلاد الغربية والشرقية

البلاد الشرقية الإسلامية على خلاف البلاد الغربية، سنجد أن الدين لعب دورأ مؤثراً في قوانينها؛ فالدين فى الدول الغربية ليس له تأثير يذكر علي القواعد القانونية، فبسبب ما مر به مواطني الدول الغربية فى العصور الوسطى من سيطرة الكنيسة وتحكمها في حياة الناس والمجال السياسي وصكوك الغفران ومحاكم التفتيش ومعاقبة العلماء مثل غاليلو لأنه اثبت ان الأرض تدور حول الشمس وهو ما كان يخالف معتقد الكنيسة، ادي كل ذلك لظهور مصطلح العلمانية.

والمنادين بالعلمانية وفصل الدين عن الدولة يقولوا ان تدخل الدولة وتبنيها دين معين، وتفسير معين لهذا الدين، سوف يظلم أصحاب الديانات الأخرى، وأصحاب المذاهب الأخري لهذا الدين، وسيفسد الدين بجعله أداة في يد السلطة التنفيذية، والدين هو علاقة روحية بين العبد وربه؛ والدين بوصفه مقدسا لا يقبل بطبعه التجزئة أو التنازل عن بعضه فمن الصعب دمجه في التفاوض السياسي الذي يستلزم المراوغة حينا والتنازل عن شيء وربما أشياء أحيانا أخرى، وهو ما يلتقي مع جوهر العملية السياسية التي تقوم على فن الممكن، وتحتم التنازل عن بعض المصالح والأهداف الخاصة بغية تحقيق المصالح المشتركة والأهداف الجامعة وصولاً إلى أعلى قدر من الاستقرار والسلم المجتمعي.

مقالة ذات صلة: الشريعة الإسلامية كمصدر احتياطي للقانون المصري و دور القاضي في استخلاص مبادئ الشريعة الإسلامية

تعريف العلمانية

العلمانية مشتقة من العالمية بمعني حكم العالم نفسه بنفسه دون تدخل السماء، اما فى اللغة الإنجليزية Secularism تعني الادينية او الدنيوية؛ والعلمانية هي فصل الدين عن الدولة  (السياسة) وان تكون الدولة علي مسافة واحدة من جميع الأديان والأفكار، والعلمانية لا تعني الإلحاد او اجبار الأفراد علي عدم التدين ولكن معناها ان التدين والإلحاد شأن خاص بالفرد ولا يجوز للدولة ان تتبنى وجهة نظر دينية او ان تجبر الأفراد علي ممارسة الشعائر الدينية او عدم ممارساتها ولا يجوز ان يحصل مواطن علي معاملة خاصة بسبب اعتناقه دين معين او فكرة معينة فالجميع متساوون امام القانون.

مقالة ذات صلة: العلمانية – تعريفها ونشأتها ومبادئها وأنواعها وأمثلة عليها

فى النهاية اخر نقطة انت من ستضيفها فى التعليقات، شارك غيرك ولا تقرأ وترحل.

1 فكرة عن “قواعد الدين والفرق بين قواعد القانون وقواعد الدين”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *