المضاربة العقارية: تعريفها ومخاطرها على المستثمر والأقتصاد

الكثير منا يسمع مصطلح المضاربة في العقارات ولا يعرف ما هو المقصود بها، ولماذا الاستثمار فى العقارات بهدف المضاربة محفوفاً بالمخاطر، وما هو الفرق بين المضاربة العقارية و الإستثمار العقارى؟، وفي هذه المقالة سنتناول موضوع المضاربة العقارية بالتفصيل.

ما هو الاستثمار العقارى؟

الاستثمار العقاري Real Estate Investing هو عملية الحصول على العقارات لتوليد الدخل أو بناء الثروة أو تنويع الاستثمارات، وهو يختلف عن أنواع الاستثمار الأخرى، مثل الأسهم والسندات، لأنه يشتمل على أصول ملموسة؛ والاستثمار العقاري يتضمن شراء العقارات، سواء كانت سكنية أو تجارية، بهدف توليد الدخل من دفعات الإيجار، أو زيادة قيمة العقارات علي مر السنين، أو كليهما؛ وعلى عكس الأسهم والسندات، تعد الاستثمارات العقارية أصولًا ملموسة يمكن استخدامها فعليًا وإدارتها وتحسينها.

مقالة ذات صلة: الاستثمار العقارى: التعريف، الأنواع، الخطوات، الفوائد، المخاطر

تعريف المضاربة العقارية

المضاربة العقارية او ما يعرف بالمضاربة في العقارات هي إستثمار ينطوي على درجة عالية من المخاطرة حيث يكون تركيز المشتري على تقلبات الأسعار، ويشتري المستثمر العقار في محاولة للربح من التغيرات في القيمة السوقية، ونحن نطلق على شخص ما لقب المضارب عندما يكون هو أو هي أقل اهتماما بالقيمة الحقيقة للعقار، وأكثر إهتماماً وتركيزاًعلى تحركات الأسعار، ولا يهتم المضارب بالدخل السنوي الذي قد يجلبه العقار مثل قيمة الإيجارات السنوية، بل ما يهم المضارب هو ثمن بيع العقار في تاريخ مستقبلي، فهدف المضارب يكون الدخول والخروج السريع من السوق.

مخاطر المضاربة في العقارات

إذا كنت تفكر في خطط ما بعد التقاعد، أو إذا كنت ترغب فقط في عمل شيء بمدخراتك، فليس من المستغرب أن تفكر في الاستثمار العقاري؛ فإذا كنت تخطط للاستثمار في العقارات فيجب أن تأخذ في الاعتبار ان بعض المخاطر قد تحدث أو أن المستقبل قد يخالف خططك، وكن حذراً من الاستثمار استناداً إلى المضاربة فقط، ولا تنتظر النجاح فى الاستثمار العقارى إذا كنت استثماراتك كلها مبنية على المضاربة. وللتوضيح سوف نناقش ثلاثة أسباب رئيسية نوضح فيها لماذا المضاربة العقارية محفوفة بالمخاطر؟

1. الناس لا يمكن التنبؤ بهم

أنت تعمل مع الناس، وإذا كان هناك شيء واحد أثبته الناس على مر السنين، فهو ان الناس لا يمكن التنبؤ بهم؛ فعلى سبيل المثال، إذا كنت تقوم بعقد صفقات مع أصحاب عقارات ووكلاء عقارات (سماسرة) أوافراد يريدون شراء عقار، فمن المحتمل دائماً أن تفشل المفاوضات مع البعض منهم والا يعقدوا معك اى صفقة، خاصة إذا شعروا أنك مستثمر مضارب.

مقالة ذات صلة: التفاوض العقاري: 22 نصيحة لاحتراف التفاوض عند شراء وبيع العقارات

2. الإقتصاد من الممكن ان يتغير

إذا كنت مضارب، فمن المفترض أنك تقوم بعمل توقعات تحقيق الربح السريع بناء على أداء الاقتصاد، على أمل أن تستمر ظروف الإقتصاد الحالية او ان تتحسن فى المستقبل؛ ومع ذلك، فكما أن الناس لا يمكن التنبؤ بهم، كذلك الاقتصاد. فقد يبدو الاستثمار في العقارات فكرة جيدة في البداية، ولكن ولأنك مضارب فمثلاً لو حدث اهتزاز فى الإقتصاد أدى إلى إنخفاض بسيط او ثبات فى اسعار العقارات، ماذا ستفعل، فأنت تريد تحقيق ربح سريع وخطتك كلها مبينة على الربح السريع بدون إضافة قيمة للأصل (العقار)؟

3. يمكنك أن تفقد كل شيء

في المضاربة العقارية أنت قمت بحساب المخاطر وانت قمت بتوقع تكاليف معينة، وتكمن المشكلة انك ستلتزم وتستمر فى المضاربة حتى لو لم تستطيع ان تجد شخص يشترى سريعاً منك العقار الذى تضارب عليه بالسعر الذى تريده و ستستمر فى المضاربة حتى لو زادت التكاليف عن الحد الذى توقعته فى البداية قبل الإستثمار؛ فانت ستلتزم بتلك المخاطر حتى عندما تكون الأمور صعبة، وسوف تٌصر على الصمود حتى النهاية، وستتوقع أنك ستجني ربح من استثماراتك وان قيمة العقار سترتفع وتحقق أرباح، ةهذا ما يٌطلق عليه اسم التفاؤل والمثابرة، ولكن في بعض الأحيان، أنت كمضارب “مقامر” لن تعترف بالهزيمة حتى تبكي للحصول علي المساعدة من خطر الإفلاس.

المضاربة كالمقامرة، انت تحقق خسائر وتتوقع ان القادم سيعوض كل خسائرك، فالمراقبة المستمرة لاستثماراتك هي أمر ضروري للتأكد من أنك ستعرف متى أو أين يجب ان تٌخفض خسائرك وتتخلص من العقار بخسائر بسيطة بدلاً من الإستثمار فى تحقيق خسائر قد تؤدى الى الإعسار او الإفلاس، فلا بد أن لا تدع عواطفك تؤثر في قراراتك الاستثمارية.

وبدلاً من القيام باستثمارات مبنية على المضاربة فى العقارات، يمكنك استخدام مدخراتك بشكل صحيح والتركيز على الاستثمار في القيمة؛ والإستثمار فى القيمة يعنى انك يجب ان تضيف شيء او قيمة للأصل “العقار”حتى يرتفع ثمنه وتحقق منه أرباح، وهذا هو الفرق بين المضارب والمستثمر فى العقارات، فالمستثمر فى العقارات يحاول ان يشترى العقار دائماً بأقل من قيمته السوقية او على الأقل بقيمته العادلة وهذا وضحناه فى مقالة سابقة بعنوان قواعد الإستثمار العقارى – 36 قاعدة لتصبح مستثمر عقارى ناجح، وبعد شراء العقار يقوم المستثمر إذا أراد ربح قصير الأجل، بإضافة قيمة للعقار وهذا ما وضحناه فى الأسفل عند توضيح الفرق بين المضاربة العقارية و الإستثمار العقارى

والمضاربة العقارية لها تأثير سيئ جداً على الأقتصاد لأنها تؤدى الى التضخم وحدوث مشاكل إجتماعية كعدم قدرة الشباب على الزواج لأرتفاع اسعار العقارات المبالغ فيه، وتؤدى المضاربة فى العقارات أيضاً الى حدوث الفقاعة العقارية.

مقالة ذات صلة: الفقاعة العقارية – تعريفها، أسبابها، كيفية التعرف عليها وتحديدها

الفرق بين المضاربة العقارية و الإستثمار العقارى

المضارب على العقارات كما وضحنا هدفه الأساسى هو الدخول والخروج السريع من السوق، ولذلك عندما نناقش الفرق بين المستثمر العقارى والمضارب، يجب ان نوضح اننا نقصد هنا في هذه المقارنة بالمستثمر العقارى الشخص الذى يكون هدفه هو الربح قصير الأجل من العقارات، ولذلك اعتقد ان الفرق بين المضاربة العقارية و الإستثمار العقارى تعتمد على ثلاثة عوامل على الأقل موجودة عادة في جميع محاولات المضاربة تقريباً:

1. ارتفاع الأسعار

تعتمد المكاسب الناتجة عن المضاربة دائماً على التغيرات الكبيرة المتوقعة في السعر، دون أي تغيير في قيمة الأصل. ولذلك تذكر عزيزى القارئ ان: السعر هو ما تدفعه، القيمة هي ما تحصل عليه.

مقالة ذات صلة: ايهما أفضل الاستثمار العقارى طويل الأجل أم قصير الأجل؟

2. الأرباح السريعة

 يبحث المضاربون عن أرباح سريعة، وهكذا تحدث التغيرات المتوقعة في الأسعار (أو على الأقل يأمل أحد المضاربين في حدوثها) على المدى القصير، فالمضاربة فى العقارات قد تكون مدتها ساعات قليلة (التداول اليومي على أسهم صناديق الريت في البورصة) إلى اسابيع أو ربما بضعة أشهر، ولن تسمع أبداً عن أي محاولة لمضاربة على العقارات تستغرق 10 أعوام.

مقالة ذات صلة: صناديق الريت: ما هي، أنواعها، مميزاتها، عيوبها، كيف تستثمر فيها

3. القروض

كثيراً ما يقترض المضاربون معظم سعر الأصل؛ فخلال فترات ارتفاع أسعار العقارات، يمكن استخدام قرض التمويل العقارى لتحقيق زيادة كبيرة في العوائد والأرباح، أما خلال فترات انخفاض أسعار العقارات، يمكن أن تكون قروض التمويل العقارى كارثية على المضارب، ولذلك تظهر حالات التعثر فى سداد القروض العقارية في أسوق الإسكان المتدهورة.

ولتوضيح نقطة القروض فى مثال مفصل :- لنفترض ان شخص يملك مبلغ 60.000 دولار يريد المضاربة في العقارات فسوف سيقوم هذا الشخص بالبحث عن عقار تبلغ قيمته 300.000 دولار ويدفع مبلغ 60.000 دولار كمبلغ دفعة أولية فى العقار، ثم يقوم هذا الشخص ويبحث عن مشترى يبيع له هذا العقار بمبلغ 350.000 دولار، وعلى إعتبار ان مصاريف التسجيل والمحامى ومصاريف الأقساط الشهرية حتى بيع العقار 20.000 دولار فيكون مكسب المضارب 30.000 دولار.

المضارب هنا فى هذا المثال متفائل، فمن الممكن ان يفشل هذا المضارب فى بيع العقار سريعاً بثمن يحقق له ربح، فبالتالى سيدفع أقساط التمويل العقارى الشهرية حتى يأتى له سعر مناسب يحقق منه ربح لكي يبيع العقار، ومعظم المضاربون يقعون في مشاكل التقدير الصحيح لمصاريف الدخول والخروج كمصاريف المحامى والسمسار وتسجيل العقار، فهو يدفع هذة المصاريف عند الشراء و /أو البيع؛ ومن الممكن ان يتعرض المضارب لمصاريف مفاجئة كمصاريف تصليح السقف، فمثلا من الممكن ان تأتى بعض الأمطار وتؤثر على سقف العقار فتضطر الى تصليح سقف العقار، وهذه المصاريف تخصم من هامش الربح السريع للعقار، فيكتشف المضارب انه خسر خلال عملية المضاربة، فيمتنع عن سداد أقساط التمويل العقارى ويتعثر.

لذا لنعد إلى سؤالنا الأصلي – ما هو الفرق بين الفرق بين المضاربة العقارية و الإستثمار العقارى؟، أعتقد أن الإجابة تعتمد على الظروف ، كما يوضح هذان المثالان:

  • المثال رقم 1: يقوم الفرد بأخذ قرض تمويل عقاري لشراء شقة تحت الإنشاء سيتم استكمال بنائها خلال خمسة أشهر، والخطة هي بيع الشقة عند اكتمالها، وهنا الفرد جعل ارتفاع سعر الشقة أمراً مؤكداًعند اكتمال بنائها.
  • المثال رقم 2: يشتري الفرد عقاراً قديماً يحتاج إلى عمل كبير وتحسين وتصليح، ويتم أخذ تمويل عقارى لشراء العقار مع تجنيب المال الازم لتصليح وتحسين العقار؛ والخطة هنا تحسين العقار وتصليحه وإضافة قيمة له (زيادة فى قيمة العقار) وبيعه بربح معقول.

فى كلا المثالين بالطبع تم تسديد دفعة اولية 20 % من ثمن العقار، ومن الواضح بالطبع ان المثال رقم 1 هو المضاربة، والمثال رقم 2 هو الاستثمار، وتجدر الإشارة إلى أن الفرد من الممكن ان يجنى الكثير من المال من المضاربة ولكن بالتأكيد سوف يفقد المال والاستثمار في النهاية، لأن المضاربة بالمعنى الذى وضحناه هى قمار؛ فلو كنت تريد المضاربة “المقامرة” فى العقارات لا انصحك بذلك، لأنك ستخسر المال فى النهاية، فالعقارت ليست كنوادى القمار – ربح سريع بدون تعب – فالعقارات لكى تربح منها يجب ان تضيف قيمة للأصل، ففى العقارات الصبر والاتساق والمثابرة ستؤتي ثمارها في نهاية المطاف.

مقالة ذات صلة: الأزمة المالية 2008 – أزمة الرهن العقارى – الأسباب والحلول

فى النهاية آخر نقطة انت من ستضيفها فى التعليقات، شارك غيرك ولا تقرأ وترحل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *