التطور التاريخي لإدارة الموارد البشرية – 7 مراحل

لقد شهدت نظرة المنظمات والمجتمعات إلى الموارد البشرية تطورات تاريخية انعكست على اسم العلم المعني بهذه الموارد وعلى مسمى الكيان التنظيمي المسؤول بالدرجة الأولى عنها، وينبغي التنويه ابتداء إلى إنه لا يوجد اتفاق بين الباحثين حول مراحل التطور التاريخي لإدارة الموارد البشرية، ذلك أنهم يختلفون حول الحدود الزمنية لكل مرحلة، كما أن التقسيم يشير إلى معايير تحكمية؛ وينبغي التنويه أيضاً على أن نسبة فكر معين أو فلسفة معينة إلى مرحلة معينة لا يشير إلى اختفاء ما سبقه من فكر أو فلسفة تماما، وإنما يشير فقط إلى الفكر السائد أو الفلسفة السائدة في هذه المرحلة؛ وعلاوة على ذلك، فإن النظرة للموارد البشرية في كل مرحلة تأثرت بالواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي الذي كان يميز المرحلة.

التطور التاريخي لإدارة الموارد البشرية

وفي سياق ما وضحناه بالأعلي، سيتم تسليط الضوء على النظر المشار إليها منذ ما قبل الثور الصناعية وحتى الآن من خلال المراحل التالية:-

1. مرحلة ما قبل الثورة الصناعية (ما قبل 1771)

ففي هذه المرحلة لم تكن المجتمعات معتادة على التغيير السريع، كما لم تكن الهياكل الاجتماعية مرنة بدرجة كبيرة؛ وقد انعكس ذلك على النظر للمورد البشري على أنه كائن شامل يقوم بمهام كلية، فالنجار مثلا كان يقوم بصناعة المنتجات الخشبية وبيعها وتوفير المواد الخام وقطع الغيار.

2. مرحلة الثورة الصناعية (1771-1841)

حيث شهدت هذه المرحلة تطورات هائلة لعل أبرزها التحول من الصناعة اليدوية إلى الصناعة الآلية وأصبحت الآلة تقوم إلى جانب الإنسان بالعمل، وبدأ المورد البشري يشعر بعدم امتلاكه للمكان، وأن وجوده كان يشبه وجود الآلات والمواد من أجل خلق الثروة؛ ومعنى ذلك أن تكوين الثروة هو الشاغل الاقتصادي الأول للمجتمعات في هذه المرحلة مع إعطاء اعتبار محدود لحاجات الأفراد، ومن ثم كانت النظر للمورد البشري على أنه مجرد نفر أو خادم أو مستخدم Servant يتقاضى أجر.

3. مرحلة الإصلاح الاجتماعى (1841-1871)

إزاء الآثار السلبية التي تمخضت عن ممارسات الباحثين عن الثروة بأي ثمن، كان لابد من التفكير في الحد من هذه الآثار؛ وذلك من خلال النظر إلى الموارد البشرية بصور أكثر إنسانية وذلك بمراعاة احتياجاتهم من خلال استصدار بعض التشريعات المنظمة لساعات العمل وظروف العمل وغيرها.

4. مرحلة الإدارة العلمية (1871-1925)

اتسمت هذه المرحلة بالتخصص وتقسيم العمل، وأصبح المورد البشري مطالبا بالعمل بالطريقة المناسبة في كل مرة يتم فيها أداء العمل؛ وقد انعكس ذلك على النظر إلى المورد البشري باعتباره آلة أو ترس في آلة، والآلة لكي تعمل لابد من تزويدها بالطاقة المحركة، والإنسان لكي يعمل لابد من تحفيزه ماديا. ومن هنا ظهر خلال هذه المرحلة مفهوم الكائن المادي “الاقتصادي” وأهملت الحاجات النفسية والاجتماعية للمورد البشري، مما أدى إلى وأد القدرات والمهارات الإبداعية والابتكارية لديه.

مقالة ذات صلة: فريدريك تايلور ونظرية الإدارة العلمية

5. مرحلة العلاقات الإنسانية (1925-1945)

تحول الاهتمام خلال هذه المرحلة إلى التركيز على العوامل السيكولوجية والاجتماعية للمورد البشري بمعنى أن إنتاجية العامل لا تتوقف فقط على العوامل المادية والاقتصادية، وتغيرت بالتالي النظرة للمورد البشري كونه “كائناً اقتصادياً” إلي كونه “كائناً اجتماعياً” له مشاعر واحاسيس تتأثر بفعل ظروف معينة كعلاقات العمل، نماذج القيادة، مساندة الإدارة.

مقالة ذات صلة: المدرسة السلوكية في الإدارة – مدرسة العلاقات الإنسانية و العلاقات السلوكية

6. مرحلة نظرية النظم وعلم بحوث العمليات (1945-1971)

انصب الاهتمام خلال هذه المرحلة على تطبيق مفهوم نظرية النظم Systems theory واستخدام أساليب بحوث العمليات وهي أساليب رياضية في التوصل إلى حلول مثلى للمشكلات الإدارية؛ وقد ساعدت الحاسبات الآلية في هذا الصدد. وساد الاعتقاد لدى البعض خلال هذه المرحلة بأن الحاسب الآلي يمكن أن يحل محل الإنسان، ومن ثم تقلص الاهتمام بالمورد البشري قياسا على الاهتمام بالآلة (أي الحاسب الآلي) رغم أن هذا المورد هو الذي طور الآلة؛ وظهر من يروجون لما يعرف “بالتكنولوجيا كثيفة رأس المال Capital Intensive Technology” على حساب “التكنولوجيا كثيفة العمالة Labor Intensive Technology.

7. مرحلة مدخل إدارة الموارد البشرية (1971-الآن)

خلال هذه المرحلة شاع استخدام مدخل إدارة الموارد البشرية Human Resources Management Approach لزيادة فعالية المنظمة وإشباع حاجات الموارد البشرية في نفس الوقت من منطلق أن حاجات المنظمة ومواردها البشرية حاجات مشتركة ومشقة مع بعضها البعض، وكذلك لا يمكن إشباع أي منها على حساب الأخرى. ويركز هذا المدخل على إدارة البشر كمورد وليس كعامل إنتاج. ومعنى ذلك أنه مورد قابل للنضوب أو للنقاد، ومن ثم يجب الحفاظ عليه وتوظيفه بشكل سليم واستثماره الاستثمار الأفضل بما يحقق أهداف المنظمة ومواردها البشرية في آن واحد من خلال المنافع التي تتحقق من جراء هذا الاستثمار في شكل زيادة الإنتاجية.

وعلى ذلك فإن هذا المدخل ينظر إلى الموارد البشرية في المنظمة على أنهم آدميون لهم.حاجات ومشاعر وقيم يمكن من خلال إشباعها تحقيق منافع لكل من المنظمة ومواردها البشرية، الأمر الذي يحفز الإدارة على الاهتمام بوضع برامج تشبع الاحتياجات المادية والمعنوية لهذه الموارد، وكذا احتياجات المنظمة مع تهيئة مناخ عمل يتيح الفرصة لها للنمو والتقدم والتطور والاستخدام الفعال لقدارتها ومهاراتها.

ومع بزوغ عصر المعرفة خلال السنوات الأخيرة من هذه المرحلة أصبح الاتجاه السائد هو التحول نحو الاستثمار في مصادر المعرفة (الموارد البشرية) أكثر من استثمار في نواتج المعرفة (الموارد المادية)، ومع تضاؤل المكونات components المادية أمام المكونات المعرفية لمنتجات اليوم ومع استمرار تضاؤلها يوما بعد يوم، أصبحت المعرفة هي المكون الأساسي في كل ما يصنع أو يفعل، وفي كل ما يشترى أو يباع، وأصبح المورد البشري أهم أصول المنظمة بل وثروتها الحقيقية الأساسية.

التطور التاريخي لإدارة الموارد البشرية - 7 مراحل

وعلى ذلك فقد أصبح ينظر للموارد البشرية خلال السنوات الأخيرة من هذه المرحلة على أنها “رأس مال فكري Intellectual capital”، فلم يعد ينظر إلى الموارد البشرية على أنها مصدر تكلفة أو عبء يجب التخلص منه عند أول فرصة أو عند أول إخفاق بل هي بمثابة استثمار طويل الأجل يتحقق من خلاله الأهداف الرئيسة التي قامت من أجلها المنظمة باعتبارها ميزة تنافسية Competitive advantage كبرى لأي منظمة. ويعكس الشكل السابق نطور النظر إلى الموارد البشرية خلال المراحل السابق تناولها.

ما هي الموارد البشرية؟

“الموارد البشرية” أو “Human Resources” والذي يُعبَّر عنه بالاختصار الشائع “HR” هو القسم المسؤول عن الحفاظ على موظفي الشركة وعلاقات الموظفين وثقافة مكان العمل؛ ويدير هذا القسم تعيين الموظفين والتعاقد معهم، وطرد الموظفين، وتدريب الموظفين وتطوير مهاراتهم، وتنفيذ السياسات، ويدير هذا القسم أيضاً المزايا التي يحصل عليها الموظفين، وكشوف المرتبات، والقواعد التنظيمية الحكومية، والامتثال القانوني والسلامة، وغالبًا ما يساعد قسم الموارد البشرية في إيجاد حلول للنزاعات ودواعي القلق بين الموظفين.

مقالة ذات صلة: إدارة الموارد البشرية: مفهومها، وأهميتها، ومهامها، ووظائفها، وأقسامها

فى النهاية آخر نقطة انت من ستضيفها فى التعليقات، شارك غيرك ولا تقرأ وترحل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *