المدرسة الموقفية في الإدارة – الإدارة الموقفية

في هذه المقالة سوف نشرح كل ما يخص المدرسة الموقفية في الإدارة، ففي البداية سوف نشرح  تجربة وودوارد، ثم سنوضح أثر التكنولوجيا وأثر البيئة على اختيار أسلوب الإدارة الأمثل، ثم سنشرح إنتقادات النظرية الموقفية في الإدارة.

تجربة وودوارد – المدرسة الموقفية في الإدارة

في عام 1958 قامت وودوارد Wood Ward باختبار لكل من النظرية التقليدية (الكلاسيكية) في الإدارة في التطبيق العملي، وفي ذلك الوقت اتسع انتشار الأفكار السلوكية في الإدارة التي ترى أن طريق تحقيق الإنتاجية هو الاهتمام بالعنصر البشري ودراسة احتياجاته المتعددة والعمل على إشباعها عن طريق تصميم نظم للدوافع، وتصميم الوظيفة لإشباع رغباته العليا، و تدريب المشرفين على الإشراف عن بُعد، والإدارة عن طريق فرق العمل الجماعي … الخ؛ وأكثر من ذلك، فقد نادى المفكرون تحت مظلة النظرية السلوكية بعدم تطبيق المبادئ الكلاسيكية في الإدارة كعدم وضع تخطيط تفصيلي للأعمال التي يقوم بها العمال، وإتاحة الحرية التنظيمية وإتاحة الفرصة للعامل لأن يراقب نفسه بنفسه.

أي في ذلك الوقت – فترة الخمسينيات – وجدت وودوارد أن هناك فكرا إدارياً (تخطيط دقيق– تنظيم مفصل – رقابة مباشرة) وسمته بالإدارة المتشددة Hard management وهذا الفكر الذي رفضه مفكروا النظرية السلوكية في الإدارة واستبدلوا الإدارة المتشددة بنوع آخر من الإدارة التي تركز على اهتمامات العامل وترك الحرية له تخطيطاً وتنظيماً ومراقبة وسمى هذا بالإدارة الناعمة Soft management؛ وأرادت وودوارد أن ترى إلي أي حد ما هو مذكور في المكتبة الإدارية مطبق على أرض الواقع فإذا كانت الأفكار الإدارية السائدة في ذلك الوقت صحيحة Valid أي :

  1. 1الفكر الكلاسيكي يؤدي إلي انخفاض الإنتاجية.
  2. الفكر السلوكي يؤدي إلي زيادة الإنتاجية.

فإننا نتوقع أن:

  1. المنظمات التي تطبق الفكر الكلاسيكي منظمات غير ناجحة.
  2. المنظمات التي تطبق الفكر السلوكي منظمات ناجحة.

قامت وودوارد باختيار مائة شركة صناعية لكي تقوم بإثبات صحة ما جاء في المكتبة الإدارية وبالتحديد الفروض التي ذكرت أعلاه، ولقد توصلت الدراسة إلى نتائج غير متوقعة، فلقد وجد أنه ليس جميع المنظمات الناجحة تطبق الفكر السلوكي في الإدارة، فقد وجد أن هناك بعض المنظمات الناجحة تقوم بتطبيق الأفكار التقليدية في الإدارة، و كذلك ليس كل المنظمات غير الناجحة تطبق الفكر التقليدي في الإدارة، فقد وجد أن هناك بعض المنظمات غير الناجحة تقوم بتطبيق الأفكار السلوكية في الإدارة.

ولأول مرة في الفكر الإداري – بشكل علمي – تظهر أفكار إدارية تهدم ما جاء في النظريات السابقة للإدارة وتنص على أن ليس هناك أسلوباً مثالي للإدارة يطبق في جميع الظروف والأحوال، بل أن هناك عدة أساليب في الإدارة كل منها تناسب ظروفاً معينة، وأن الأسلوب الذي يعطي نتيجة إيجابية في موقف معين لا يعطي هذه النتيجة في موقف آخر بل أنه إذا تغيرت الظروف لابد من تغير أسلوب الإدارة.

مقالة ذات صلة: نظريات الإدارة – الفكر الإداري والمدارس الإدارية

المدرسة الموقفية في الإدارة – الإدارة الموقفية

بدأت تتجه أنظار المفكرين في الإدارة إلي ما هي العوامل والمتغيرات التي بناء عليها يتم اختيار أسلوب الإدارة المناسب حيث أنه لا يوجد أسلوب مثالي لجميع المواقف وإنما لكل موقف متطلبات؛ وهذا الفكر الإداري هدم فكرة وجود نظام مثالي في جميع المواقف one best way every where، فهو لا ينادي بتطبيق فكر إداري معين في جميع الظروف Universal وأن أمام المدير عدة طرق وأساليب إدارية عليه أن يختار من بينها ما يتلائم مع الموقف، وإذا حدث تغير في الموقف فإن المدير يجب أن يراجع الطرق الإدارية لكي يتأكد أنها ما زالت ملائمة وليس هناك ما يمنع من الطرق الإدارية في حالة حدوث أي تغير في ظروف الموقف

وقد أطلقت على هذه الأفكار المدرسة الموقفية في الإدارة Contingency أو المدرسة الشرطية Conditional في الإدارة، وكل هذه المسميات تعكس أنه ليست هناك نظريات عامة وإنما لكل موقف نظرية تتلائم وتتمشى معه، وإذا تغير هذا الموقف يجب أن يعاد النظر في الفكر الإداري أو الطرق الإدارية المطبقة؛ وبدأت جهود المفكرين في الإدارة تتجه إلى البحث عن العوامل التي تجعل المدير يتبنى فكراً إدارياً معيناً ويطبق طرقاً وأساليب إدارية معينة، ويمكن حصر هذه الأفكار في مجموعتين رئيسيتين.

هناك جانب من الفكر الإداري يرى أن التكنولوجيا ( طبيعة ونوع الماكينات والمعدات التي تستخدم في الإنتاج ) هي الأساس الحاكم في اختيار تطبيق فكر إداري معين؛ بينما هناك جانب آخر من الفكر الإداري يري أن طبيعة البيئة التي تعمل فيها المنظمة من حيث درجة التغير أو الثبات Degree of Variability هي الفيصل في اختيار طريقة الإدارة

أثر التكنولوجيا في اختيار أسلوب الإدارة

لكي تفسر وودوارد Wood Ward النتائج غير المتوقعة – في دراستها للمائة شركة صناعية، قسمت هذه المائة شركة إلي ثلاث مجموعات طبقاً لطبيعة التكنولوجيا المطبقة طبيعة الماكينات والعدد والآلات المستخدمة في الإنتاج Technology adopted

  1. المجموعة الأولى التي تشمل الشركات الصناعية التي تستخدم نظام الإنتاج الكبير Mass Production
  2. المجموعة الثانية التي تشمل الشركات الصناعية التي تستخدم نظام الإنتاج المتغير Unit System
  3. المجموعة الثالثة التي تشمل الشركات الصناعية التي تستخدم نظام الإنتاج حسب العمليات Processing.

وجدت وودوارد أن الشركات التي تستخدم نظام الإنتاج الكبير وتقوم بتطبيق نظام الإدارة التقليدية (الكلاسيكية) تعد شركات ناجحة بينما تلك التي تقوم بتطبيق نظام الإدارة السلوكية هي شركات غير ناجحة، والعكس تماماً في نظم الإنتاج الأخرى التي تتسم بالتغير سواء في عمليات الصنع أو المنتجات النهائية التي تقوم بإنتاجها؛ فقد وجدت أن ما يطبق منها الفكر التقليدي (الكلاسيكي) في الإدارة تعد شركات غير ناجحة وتلك التي تطبق الفكر السلوكي في الإدارة هي شركات ناجحة.

نتائج نظرية وودوارد وعلاقة التكنولوجيا بأسلوب الإدارة

خرجت وودوارد بنظرية جديدة في الإدارة تنادي بعدم وجود فكر إداري لـه صلاحية التطبيق في جميع الظروف والأحوال، بل إن الفكر الإداري يتوقف على طبيعة العدد والآلات التي تستخدمها الشركة (طبيعة التكنولوجيا)؛ فإذا اتسمت التكنولوجيا بالثبات والاستقرار في الآلات والماكينات وبالتالي في عمليات الصنع وبالتالي في المنتجات النهائية فإن أصلح نظام لإدارة هذا الموقف هو الفكر التقليدي في الإدارة الذي ينادي بالتخطيط الدقيق والتنظيم الدقيق وكذلك الرقابة الدقيقة.

وفي حالات الآلات والماكينات عامة الغرض وكذلك تغير عمليات الصنع وبالتالي تغير المنتجات النهائية أي عندما تتسم التكنولوجيا المطبقة بالتغير وعدم الاستقرار فإن أصلح نظام لإدارة هذا الموقف هو الفكر السلوكي في الإدارة الذي ينادي بسيطرة العمال على عمليات التخطيط إلى حد ما، وعدم التحديد الدقيق للمسئوليات والاختصاصات للأفراد، والإشراف العام من قبل الرؤساء، والمراقبة العامة على النتائج وليس على الوسائل والأساليب.

أثر التكنولوجيا في اختيار أسلوب الإدارة .
المدرسة الموقفية في الإدارة - الإدارة الموقفية
مصفوفة أثر التكنولوجيا في الإدارة

مقالة ذات صلة: البيئة التنظيمية: تعريفها، أنواعها، تحليلها

أثر البيئة في اختيار أسلوب الإدارة

بينما ترى وودوارد – على رأس فريق من المفكرين في علم الإدارة – أن التكنولوجيا هي العنصر الحاكم الختيار نظام الإدارة، فإن فريقاً آخر من الباحثين يرى أن طبيعة البيئة التي تعمل فيها المنظمة هي العنصر الحاكم في اختيار نظام الإدارة.

تجربة بيرنز وستوكر Stalker & Burns

قام الباحثان بيرنز وستوكر Stalker & Burns بدراستهما الإدارية في اسكتلندا بإنجلترا في بداية فترة الستينيات وتوصلوا إلي أن درجة التغير أو الاستقرار البيئي للمنشأة هي التي تحدد الأسلوب الأمثل للإدارة، فلقد وجد بيرنز وزميله أن هناك اختلافات في النظم الإدارية المطبقة في الشركات التي تعمل في صناعة الغزل والنسيج وتلك المطبقة في شركات تعمل في مجال صناعة الإلكترونيات؛ فلقد وجدا – إلي حد كبير – أن شركات الغزل والنسيج تقوم بتطبيق تنظيم إداري وطرق إدارية تتمشى مع الفكر التقليدي (الكلاسيكى) للإدارة من حيث نطاق إشراف ضيق (عدد الأفراد الذين يشرف عليهم رئيس معين)، ومن حيث درجة تحديد وتفصيل الاختصاصات المحددة لفرد معين، ومن حيث نظم الاتصالات الإدارية … الخ.

بينما تقوم شركات إنتاج الإلكترونيات بتطبيق تنظيم إداري وطرق إدارية تتوافق – إلى حد كبير- مع الأفكار السلوكية في الإدارة من حيث نطاق إشراف واسع، وتحديد الأعمال والاختصاصات بشكل عام، وعدم وجود أي قيود على الاتصالات الإدارية لأي فرد في المنظمة طالما أن ذلك يساعده على تحقيق أهداف وظيفته ….. الخ؛ أطلق بيرنز وزميله على نظام الإدارة الذي يتمشى مع الفكر التقليدي في الإدارة بالنظام الميكانيكي Mechanistic أي النظام الثابت الجامد الذي يتصف بأقل حد من المرونة، وبينما أطلقا لفظ النظام العضوي Organismic على الفكر الإداري الذي يتسق مع الأفكار السلوكية في الإدارة أي التنظيم المتغير المرن.

وجد بيرنز وزميله أن سر نجاح التنظيم الميكانيكي في شركات الغزل والنسيج وكذلك نجاح التنظيم العضوي في شركات إنتاج الإلكترونيات يكمن في طبيعة البيئة لهذه الشركات، فلقد وجدا أن هناك اختلافاً بيناً في طبيعة البيئة Environment التي تعمل فيها شركات الغزل والنسيج عن طبيعة البيئة التي تعمل فيها شركات إنتاج الإلكترونيات؛ فلقد وجدا أن بيئة شركات الغزل والنسيج تتسم بالثبات والاستقرار وتوافر أقل قدر ممكن من عوامل عدم التأكد سواء في السوق الذي تتعامل معه الشركة أو النواحي الفنية البيئية للشركة، أو النواحي الخاصة بالتطوير والبحوث البيئية للشركة Highly Stable Environment .

أما عن طبيعة البيئة التي تتعامل معها المنشأة التي تعمل في مجال السلع الإلكترونية فهي بيئة تتسم بالتغير وعدم الاستقرار وعدم الثبات وتوافر قدر كبير من عوامل عدم التأكد Uncertainty سواء في السوق الذي تتعامل معه الشركة، درجة التغير في المنتجات من سنة لإخرى، وعدم توافر المعلومات السوقية، وعدم القدرة على التنبؤ بالسوق لفترات زمنية طويلة؛ وكذلك بالنسبة للنواحي الفنية البيئية للشركة من حيث التطوير الدائم والمستمر في الماكينات والمعدات وكذلك طرق الصنع، كذلك أيضاً بالنسبة للنواحي الخاصة بالتطوير البيئي لشركة الإلكترونيات من حيث انتشار مراكز البحث العلمي، ويستطيع كل منا بمشاهداته البسيطة اليومية أن يلاحظ التطور الهائل اليومي في مجال المنتجات الإلكترونية وما يحدثه ذلك من تقادم مستمر لمنتجات المنشأة التي لا تستطيع أن تواكب التطور باستمرار.

خروج بيرنز وزميله بفكر إداري جديد يدور حول أثر البيئة في الإدارة وبشكل محدد :

  • يعد التنظيم الميكانيكي Mechanistic وطرق الإدارة التقليدية أكثر مناسبة للمنشآت التي تتعامل مع بيئة تتسم بالثبات والوضوح والاستقرار .
  • يعد التنظيم العضوي Organismic وطرق الإدارة السلوكية أكثر مناسبة للمنشآت التي تتعامل مع بيئة تتسم بالتغير والغموض وعدم الاستقرار .. كما يتضح من الشكل التالي :
المدرسة الموقفية في الإدارة - الإدارة الموقفية

تجربة  لورنس ولورش Lorsch &  Lawerence

وفي أمريكا في نفس اتجاه بيرنز وستوكلر في نفس الوقت تقريباً – قام لورنس ولورش Lorsch & Lawerence بدراسة أثر البيئة على المنظمة وتلك الدراسة انصبت على شركات إنتاج الأطعمة industry Food وشركات إنتاج مواد التعبئة والتغليف Packaging وشركات إنتاج السلع الإلكترونية؛ وقد توصلا إلى أن أجزاء Parts المنظمة قد تستخدم أنظمة إدارية مختلفة وذلك إذا كانت هذه الأجزاء تتعامل مع بيئات ليست من طبيعة واحدة. 

وبشكل محدد قام لورنس وزميله بتقسيم المنظمة إلى ثلاثة أجزاء هما :

  1. الجزء التسويقي الذي يتولى تسويق المنتجات وتقديم أفكار تسويقية لتطوير المنتجات.
  2. الجزء الإنتاجي الذي يتولى إنتاج السلع.
  3. هو قطاع البحوث والتطوير الذي يتولى إعداد البحوث العلمية الأساسية والتطبيقية اللازمة لتطوير طرق الصنع ووسائل الإنتاج وكذلك المنتجات الخاصة بالمنشأة.

وجد لورنس ولورش أن كل قطاع من القطاعات الداخلية للمنشأة له بيئة خاصة في إطار البيئة الكلية للمنشأة، ففي حالة قطاع التسويق فإنه يتعامل مع البيئة التسويقية التي تتكون من العملاء والموزعين والمنافسين أي سوق منتجات المنشأة، وفي حالة قطاع الإنتاج فإنه يتعامل مع البيئة الفنية التي تتكون من موردي الماكينات والمعدات والآلات وموردي وسائل التصنيع، أما قطاع البحوث والتطوير فإنه يتعامل مع مراكز البحث العلمي الأساسية والتطبيقية التي تهتم بتطوير وسائل الإنتاج، معدات الإنتاج، طرق الإنتاج.

وجد لورنس ولورش أن البيئة البحثية للمنشأة عموماً هي أكثر البيئات تغيراً وعدم ثباتاً وتتميز بتوافر عوامل عالية من عدم التأكد وتأتي البيئة التسويقية في منطقة تقع بين البيئة البحثية والبيئة الفنية؛ ولذا قام لورنس وزميله بالتوصية باتباع نظام إداري ميكانيكي في إدارة قطاع الإنتاج داخل المنشأة لأنه يتعامل مع بيئة فنية تتسم بالثبات والاستقرار وتوافر قدر كبير من عوامل التأكد، ولى النحو الآخر اتباع نظام إداري عضوي في إدارة قطاع البحوث والتطوير داخل المنشأة لأنه يتعامل مع بيئة بحثية تتسم بالتغير وعدم الاستقرار وتوافر عوامل كثيرة من عدم التأكد.

ولما كان  قطاع التسويق يتعامل مع بيئة تتسم بتوافر عوامل التأكد وعوامل عدم التأكد في نفس الوقت فقد أوصيا باتباع نظام إداري يتسم بالمرونة إلي حد ما .. كما يتضح من الشكل التالي :

المدرسة الموقفية في الإدارة - الإدارة الموقفية

إنتقادات النظرية الموقفية في الإدارة – سلبيات الإدارة الموقفية

  1. عدم وجود طريقة واضحة لتقسيم الأدوار.
  2. المواقف هى التى تحدد النمط القيادى الذى يجب ان يستخدم، فلا يوجد نمط قيادي موحد لكل المواقف.
  3. الظروف والمواقف التى تواجه المديرين هى من تتحكم بهم، فالمديرون ليسوا احراراً فى إدارة مؤسساتهم.
  4. الظروف والمواقف هى من تحدد هل الإدارة وأساليبها ناجحة ام فاشلة؟.

اتمنى بعد هذة المقالة ان تكون قد تعرفت على ما هي المدرسة الموقفية في الإدارة، انا فى انتظارك فى التعليقات، شارك غيرك ولا تقرأ وترحل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *