الإدارة الإستراتيجية: التعريف، الأهمية، الأهداف، المراحل، التطور

في هذه المقالة نوضح تعريف الإستراتيجية، و تعريف الإدارة الإستراتيجية، والتطور التاريخي للإدارة الإستراتيجية، ونوضح أيضاً أهمية وأهداف الإدارة الإستراتيجية، و مستويات و مراحل الإدارة الإستراتيجية.

تعريف الإدارة

الإدارة هى وظيفة تنفيذ الأعمال عن طريق الآخرين باستخدام التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة، وذلك من أجل تحقيق أهداف المنظمة بكفاءة وفاعلية، مع مراعاة المؤثرات الداخلية والخارجية.

مقالة منفصلة     ما هي الإدارة؟ – تعريف الإدارة وأهميتها ووظائفها ومستوياتها

تعريف الإستراتيجية

ان كلمة الاستراتيجية ليس لها مرادف في اللغة العربية وهي منقولة بلفظها الأصلي من اللغة اليونانية (Stratēgos) المشتقة من كلمتين: كلمة (Stratos) والتي تعني (عسكري) وكلمة (Ago) والتي تعني (قيادة)، فكلمة الاستراتيجية تشير إلى (القائد العسكري) خلال العصر اليوناني، ومعناها من مصدرها الأصلي يعطينا بعض الدلالات لتعريفها مثل: (الدهاء في المناورة العسكرية للتضليل أو الخداع أو المباغتة أو المفاجأة للعدو لتحقيق النصر)؛ وكما يمكن جمع تعريف شامل لكتابات قادة القرن التاسع العشر العسكريين أمثال: فينتر، ومولنكة، وبوفر، وهارت بأن الإستراتيجية هي فن توزيع واستخدام المعارك بالوسائط والقوى العسكرية لتحقيق أهداف الحرب التي حددتها السياسة.

والاستراتيجية هي عبارة عن إختيار اليوم الذي سيؤثر في نتائج الغد، فلو قمنا بقياسها على قطاع الأعمال بعيداً عن المقاييس العسكرية لوجدنا أن المنظمات تستطيع أن تبقى في البيئة التنافسية لأطول مدة في ظل ظروف من الاستقرار النسبي لبيئة عمل قليلة الإضطرابات مع انخفاض المنافسة على الموارد، ولكن في الحقيقة إن هذه الشروط غير سائدة حالياً ولا يمكن توفرها لمدة زمنية طويلة في العالم الحديث.

وسواء كانت المنظمة من القطاع الخاص أو حتى القطاع العام، فطبيعة الاستراتيجية المعتمدة والمنفذة تنبثق من تركيبة هيكلة المنظمة ونوعية مواردها المتاحة وطبيعة ترابطها مع البيئة والهدف الاستراتيجي المرجو تحقيقه، فالاستراتيجية تتغير وفقاً لطبيعة الأحداث والمعطيات بخلاف القوانين والتعليمات الصارمة، وفي بعض الحالات تأخذ الاستراتيجية طبيعة طارئة وملحة؛ وكما قال أحد العلماء بان بدون استراتيجية تصبح المنظمة كالسفينة بدون دفة، تبحر في دائرة مفرغة.

والاستراتيجية حسب بورتر Porter هي عملية تكوين وضع منفرد للمنظمة ذي قيمة لعملائها من خلال تصميم مجموعة أنشطة مختلفة عما يؤديه المنافسون، أما دافيد فقد عرف الاستراتيجية بأنها صياغة وتطبيق وتقويم التصرفات والأعمال التي من شأنها تمكين المنظمة من وضع أهدافها موضع التنفيذ، ويصف Thompson & et al.(2010) الاستراتيجية بأنها خطة عمل إدارة المنظمة لإدارة العمل وتنفيذ العمليات، أي أنها التحركات التنافسية ومداخل الأعمال التي ينفذها مديرو المنظمة من أجل نمو الأعمال وجذب الزبائن وإسعادهم، والمنافسة بنجاح، وتحقيق المستويات المستهدفة من الأداء التنظيمي Organizational Performance، وتوصل 1987:Minzber إلى صياغة مفهوم الاستراتيجية من خلال تضمينه آراء مجموعة كبيرة من الباحثين ليصل إلى ما يعرف باسم Five Ps for Strategy وهي:

  1. الخطة Plan : أي أن الاستراتيجية عبارة” عن خطة موصوفة تحدد سياقات التصرف وسبلها، فهي دالة مرشدة للتعامل مع موقف أو حالة عينة، وهي مصممة لإنجاز الأهداف.
  2. المناورة Ploy : أي أن الاستراتيجية هي مناورة القصد منها خداع المنافسين والالتفاف حولهم.
  3. النموذج Pattern: أي أن الاستراتيجية هي نموذج متناغم الأجزاء من خلال السلوك المعتمد وحتى غير المعتمد.
  4. الموقف Position : الاستراتيجية موقف أو وضع مستقر في البيئة يتم الوصول إليه. وهذا الوضع يتصف بالديناميكية والفاعلية.
  5. المنظور Perspective : الاستراتيجية هي منظور يعطي القدرة على رؤية الأشياء وإدراكها وفقا لعلاقاتها الصحيحة.

تعريف الإدارة الإستراتيجية

تصدى العديد من الكتاب والباحثين لتعريف الإدارة الإستراتيجية Strategic management، حيث يعرفها Ansoff، وهو أحد رواد الفكر الإداري بأنها تصور المنظمة عن العلاقة المتوقعة بينها وبين بيئتها، بحيث يوضح هذا التصور نوع العمليات التي يجب القيام بها على المدى البعيد، والحد الذي يجب أن تذهب إليه المنظمة، والغايات التي يجب أن تحققها، أما ( Strickland & Thompson ) فقد عرفا الإدارة الإستراتيجية بأنها رسم الاتجاه المستقبلي للمنظمة وبيان غاياتها على المدى البعيد، واختيار النمط الإستراتيجي المناسب لتحقيق ذلك في ضوء العوامل والمتغيرات البيئية الداخلية والخارجية، ثم تنفيذ الإستراتيجية ومتابعتها وتقييمها.

وعرف كل من جوش وجلويك ( Jauch & Glueck) الإدارة الإستراتيجية بأنها الخطة الموحدة، المتفاعلة والشاملة التي تربط المزايا الإستراتيجية للمنظمة بتحديات البيئة. وقد صممت لضمان تحقيق الأهداف الأساسية للمنظمة من خلال التنفيذ الملائم للمنظمة، وعرف (Fred R David) فريد داوود الإدارة الإستراتيجية بقوله إنها: “فن وعلم صياغة، وتطبيق، وتقويم التصرفات والأعمال التي من شأنها أن تمكن المنظمة من وضع أهدافها موضع التنفيذ”

ويمكننا تحديد تعريف أكثر عمقا للإدارة الإستراتيجية Strategic Management بأنها مجموعة من القرارات والنظم الإدارية التي تحدد رؤية ورسالة المنظمة في الأجل الطويل، في ضوء ميزاتها التنافسية، وتسعى نحو تنفيذها من خلال دراسة ومتابعة وتقييم الفرص والتهديدات البيئية، وعلاقتها بالقوة والضعف التنظيمي، وتحقيق التوازن بين مصالج الأطراف المختلفة.

تطور الإدارة الاستراتيجية

لقد انتقل مفهوم الاستراتيجية إلى مجال الأعمال في بداية الستينيات، حيث توضح إسهامات الكتاب في مجال الإدارة الاستراتيجية أن الفكر الإداري في هذا المجال قد تطور من خلال عدة مراحل يمكن إيجازها وفق التالي:

المرحلة الأولى: التوجه بالتخطيط طويل الأجل

امتدت هذه المرحلة منذ عقد الستينيات من القرن العشرين، وكان التركيز فيها على القرارات ذات التأثير الواسع في حياة المنظمة، فتمثلت الجهود الاستراتيجية بالعمل على تحقيق النمو الداخلي أو إنتاج استراتيجية لتنويع المنتجات، أو استراتيجية لتخفيض حجم العمليات وتقليصها، أو الانتشار من خلال خفض الأسعار، ومن ثم كانت استجابة المنظمات لمتغيرات المواقف التي تواجهها بما يمكنها من إجراء عمليات التحليل وتخصيص الموارد؛ وقد أطلق على هذه المرحلة اسم المرحلة الخافتة نظرا لعدم وضوح معالم الإدارة الاستراتيجية وأبعادها الجوهرية.

المرحلة الثانية : التوجه الاستراتيجي المحدود

ركزت هذه المرحلة على الانطلاق من التخطيط طويل المدى إلى التخطيط الاستراتيجي، وظهور ما يسمى باستراتيجية الإدارة، وما يلزمها من خطوات تتطلب وضع الغايات والأهداف والقيام بعمليات التحليل الاستراتيجي والتنبؤ، والاختيار الاستراتيجي لانتهاز الفرص وتجنب المخاطر، والتطبيق الاستراتيجي مع الرقابة على تلك الخطوات وتقويمها؛ وتعد هذه المرحلة حلقة وسط بين المرحلة الأولى والمرحلة الثالثة، وشملت هذه المرحلة فترتي الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين. ويمكننا القول إن هذه المرحلة هي الفترة المنيرة لدراسة الإدارة الاستراتيجية وممارستها، إذ بدأت تتفتح الرؤية لماهية الاستراتيجية، وتحددت خطواتها الرئيسية وبدائلها الممكنة التطبيق، ومزايا بنائها على المدى البعيد.

المرحلة الثالثة: التوجه البيئي (مرحلة تنفيذ الاستراتيجية)

وهي المرحلة التي نستطيع أن نطلق عليها اسم تنفيذ الاستراتيجية، أي ما يتطلب قيام المنظمة بتحديد الأهداف السنوية ووضع السياسات وتحفيز العاملين وتخصيص الموارد، أي أن تنفيذ الاستراتيجية يعني تعبئة العاملين والمديرين وتوجيههم لوضع الاستراتيجيات المقررة موضع التنفيذ، وتعد هذه المرحلة نتيجة تعقيدها من أصعب المراحل التي مرت بها الإدارة الاستراتيجية؛ وقد أطلق الباحثون في مجال الإدارة الاستراتيجية على هذه المرحلة اسم الفترة الزاهية لدراسة الإدارة الاستراتيجية، وقاموا بتقسيمها إلى المراحل الفرعية التالية:

  1. مرحلة الستينيات (مرحلة الاستقرار).
  2. مرحلة السبعينيات (مرحلة التوجه المالي).
  3. مرحلة الثمانينيات (مرحلة التوجه التنافسي).
  4. مرحلة التسعينيات (مرحلة التغيير الموسع) .

المرحلة الرابعة : التوجه الاستراتيجي المتكامل

وهي المرحلة الأعقد، حيث تمثل المرحلة المعاصرة الموجهة لمقابلة تحديات القرن الحادي والعشرين، ومن أهم أبعادها الأساسية ما يلي:

  1. إن الاستراتيجية تمثل ذلك التصور العام الذي يجب أن تكون عليه المنظمة، وتسعى لتحقيقه من خلال وضوح رؤيتها المستقبلية، وتحديد رسالتها التنظيمية، وبنائها لغاياتها وأهدافها بوعي وإدراك لعناصر التأثير المتعددة.
  2. يركز الاتجاه المعاصر على معوقات مبدأ الاستراتيجية دون الدخول تفصيلاً في بيان خطوات الاستراتيجية الإدارية باعتبار أن الإيمان بالمبدأ كفيل بتذليل أي معوقات .
  3. إن الاستراتيجية الإدارية وسيلة تحقيق تماسك التنظيم داخلياً وتحديد وجهته خارجياً مع تدعيم علاقته بتغيرات البيئة المختلفة.
  4. تزداد أهمية التحليل والتنبؤ الاستراتيجي للوقوف على عناصر القوة والضعف، وإيجاد الفرص والمخاطر بما يمكن من سد الفجوة الاستراتيجية .
  5. تؤثر نوعية المنظمة، وأنشطتها الحالية والمتوقعة في عمليات التخطيط الاستراتيجي

أهمية الإدارة الإستراتيجية

أهمية الإدارة الاستراتيجية تنبع من مسئوليتها عن الموضوعات والقرارات الأساسية التى تحسم نجاح أى شركة أو فشلها؛ وهناك أسباب توضح لماذا يحب أن تمارس المنظمات الإدارة الاستراتيجية وهى أن:

  1. تتغير الظروف المحيطة بالمنظمات بسرعة فائقة ويعتبر أسلوب الإدارة الإستراتيجية هو الأسلوب الوحيد الذى يمكن هذه المنظمات من التعامل مع هذه الظروف من خلال توقع المشاكل والفرص المستقبلية.
  2. تؤثر الإدارة الاستراتيجية فى المنظمة كلها وليس جزءا منها وبالتالى فهى تغطى وتؤثر فى كل مجالات وعمل المنظمة، وكل جزء فيها، وفى حاضرها ومستقبلها.
  3. توفر الإدارة الإستراتيجية أهداف وإتجاهات واضحة عن مستقبل المنظمة لجميع العاملين؛ وعادة ما يكون أداء الناس أفضل (فى الكمية والنوعية) إذا كانوا يعرفون ما هو متوقع منهم ويعرفون إلى أين تنتجه منظمتهم
  4. تربط الإدارة الاستراتيجية المنظمة مع جميع أصحاب المصالح المؤثرين فى نجاحها واستمرارها وكذلك مع البيئة التى تعمل فيها وتقوم على اشباع رغباتهم
  5. المنظمات التى تمارس الإدارة الإستراتيجية تتفوق فى أدائها – وهذا هو المهم – على المنظمات التى لا تمارس هذه العملية من خلال مساعدة المنظمات المتفوقة فى بناء ميزة تنافسية تتفوق بها على منافسيها بما يتيح لها كسب عملاء أكبر وحصة سوقية أفضل.

ونخلص من هذا إلى نتيجة هامة وهى إرتباط تطبيق الإدارة الإستراتيجية بنجاح المنظمة وتعظيم أدائها؛ وإذا كان الهدف الأساسى لــ علم إدارة الأعمال هو تحسين أداء المنظمة فإن الإدارة الإستراتيجية تساهم بشكل فعال فى تحقيق هذا الهدف؛ وعلى هذا يمكن أن نستنتج أن المنظمات التى لديها نظم فعالة وممارسة حقيقية للإدارة الإستراتيجية سوف تكون أكثر فاعلية فى إنجاز أهدافها من المنظمات التى لا تمارس هذه العملية

مقالة ذات صلة: أهمية الإدارة الاستراتيجية – 8 فوائد يجب أن تعرفها

أهداف الإدارة الاستراتيجية

  1. تهيئة المنظمة داخليا بإجراء التعديلات في الهيكل التنظيمي والإجراءات والقواعد والأنظمة والقوى العاملة بالشكل الذي يزيد من قدرتها على التعامل مع البيئة الخارجية بكفاءة وفعالية.
  2. تحديد الأولويات والأهمية النسبية بحيث يتم وضع الأهداف طويلة الأجل والأهداف السنوية والسياسات وإجراء عمليات تخصيص الموارد بالاسترشاد بهذه الأولويات.
  3. إيجاد المعيار الموضوعي للحكم علي كفاءة الإدارة.
  4. زيادة فاعلية وكفاءة عمليات اتخاذ القرارات والتنسيق والرقابة واكتشاف وتصحيح الانحرافات لوجود معايير واضحة تتمثل في الأهداف الاستراتيجية.
  5. التركيز على السوق والبيئة الخارجية باعتبار أن استغلال الفرص ومقاومة التهديدات هو المعيار الأساسي لنجاح المنظمات.
  6. تجميع البيانات عن نقاط القوة والضعف والتهديدات بحيث يمكن للمدير اكتشاف المشاكل مبكرا وبالتالي يمكن الأخذ بزمام القيادة بدلأ من أن تكون القرارات هي رد فعل لقرارات واستراتيجيات المنافسين.
  7. وجود نظام للإدارة الاسراتيجية يتكون من إجراءات وخطوات معية يجعل العاملون يشعروا بأهمية المنهج العلمي ق التعامل مع المشكلات.
  8. تسهيل عملية الاتصال داخل المنظمة حيث يوجد المعيار الذي يوضع الرسائل الغامضة.
  9. وجود معيار واضح لتوزيع الموارد وتخصيصها بين البدائل المختلغة.
  10. تساعد علي اتخاذ القرارات وتوحيد اتجاهاتها.

مستويات الإدارة الإستراتيجية

أولاً:- الإدارة الإستراتيجية على مستوى المنظمة

يمكن تعريف هذا المستوى من الإدارة الاستراتيجية بأنه إدارة الأنشطة التي تحدد خصائص المنظمة التي تميزها عن المنظمات الأخرى، بالإضافة إلى أهداف ورسالة المنظمة ككل، وتخصيص الموارد المتاحة لإنجاز أنشطتها؛ وبناء على التعريف السابق فإن مسؤولية الإدارة الاستراتيجية في هذا المستوى تقع على عاتق الإدارة العليا للمنظمة، حيث يقومون بدورهم الاستراتيجي من خلال امتلاكهم الرؤيا الشاملة لتطوير الاستراتيجيات للمنظمة ككل.

ويهتم هذا المستوى للاستراتيجية بالمجال العام للمنظمة، والقيمة التي يمكن أن تضيفها إلى الأجزاء المختلفة لها (وحدات العمل)؛ ويمكن أن تتضمن مسائل التغطية الجغرافية، وتنويع المنتجات أو وحدات العمل، والموارد المخصصة بين الأجزاء المختلفة للمنظمة.

ثانياً:- الإدارة الإستراتيجية على مستوى وحدات الأعمال الإستراتيجية

وهي قطاع أو خط سلعي أو مركز ربحي ضمن الشركة الأم Parent Company تبيع كل منها مجموعة مميزة-من السلع إلى مجموعة مميزة من الزبائن والعملاء، وتنافس كل منها مجموعة محددة من المنافسين بشكل جيد؛ ويمكن أن تكون وحدة العمل الاستراتيجية (SBU) Strategic Business Unit فرعا رئيسيا في المنظمة، أو مجموعة من المنتجات المترابطة، أو حتى منتجا واحدا أو علامة تجارية واحدة. ولكي يتم تحديد الكيان على أنه وحدة عمل استراتيجية يجب أن تتوافر فيه السمات التالية:

  1. أن تكون مؤسسة تجارية قابلة للتحديد بشكل مستقل عن غيره.
  2. أن يكون له مهمة مميزة ومحددة.
  3. أن يكون له منافسون معينون.
  4. أن يكون له مجموعة موظفين تنفيذيين يتولون مسؤولية تحقيق الأرباح له.

ويتم فصل عوائد وتكاليف استثمارات الخطط الاستراتيجية لوحدة العمل الاستراتيجية عن تلك المرتبطة بالشركة الأم، إلى جانب تقويمها أيضا؛ وتعمل وحدة العمل الاستراتيجية في أسواق متنوعة ذات فرص ومعدلات نمو مختلفة ودرجات مختلفة من المنافسة، وإمكانية مختلفة لتحقيق الربح؛ ولذا فإن المخططون الاستراتيجيون يجب أن يدركوا القدرات المختلفة لأداء كل وحدة عمل استراتيجية، وتخصيص الموارد لها بفعالية، ويجب أيضاً ضمان التكامل بين وحدات العمل الاستراتيجية من أجل تنفيذ الأهداف الاجمالية للمنظمة.

والإدارة الاستراتيجية في هذا المستوى تمثل الخطط والاستراتيجيات التي تخص نشاط محدد داخل المنظمة، فقد يكون لدى المنظمة أنشطة مختلفة كصناعة الحواسب، والبرمجيات، والتطبيقات المعلوماتية، فكل نشاط منها يعتبر مجال مستقل بذاته وله مدير مسئول عنه فنطلق عليه وحدة النشاط الاستراتيجي؛ أما إذا لم تتعدد الأنشطة داخل المنظمة أي أن المنظمة تعمل في مجال واحد فقط، فهذا يعني أن الاستراتيجية على مستوى المنظمة وعلى مستوى وحدة النشاط الاستراتيجي تكون استراتيجية واحدة؛ وتقع مسؤولية الإدارة الاستراتيجية على مستوى وحدة النشاط الاستراتيجي على عاتق مديري الأنشطة الرئيسية في المنظمة.

مقالة ذات صلة: وحدة الأعمال الاستراتيجية SBU: ما هي، خصائصها، مميزاتها، عيوبها، هيكلها، تقييم أدائها

ثالثاً:- الادارة الاستراتيجية على المستوى الوظيفي

تحدد الإدارة الاستراتيجية في هذا المستوى الخطط والاستراتيجيات اللازمة لإدارة الوظائف الفرعية داخل النشاط، وهي لازمة لتدعيم وتقوية استراتيجية النشاط وصبغها بالصبغة العملية لتحقيق الاستراتيجية العامة للمنظمة؛ وعادة ما تميل المنظمات إلى وجود وحدات تنظيمية مستقلة لكل من الشؤون المالية، والموارد البشرية وغيرها، حيث تمثل هذه الوحدات الإدارة الاستراتيجية على المستوى الوظيفي، ويعد مديريها مسؤولين عن الاستراتيجيات الوظيفية كل حسب وظيفته.

الإدارة الإستراتيجية: التعريف، الأهمية، الأهداف، المراحل، التطور
تدرج المستويات الإستراتيجية

مقالة ذات صلة: نموذج الإدارة الاستراتيجية مع التوضيح بالصور

مراحل الإدارة الإستراتيجية

هناك ثلاث مراحل أساسية لإتمام عملية إدارة الاستراتيجية وهي:

أولاً:- صياغة الاستراتيجية: (Strategy Formulation)

وتتضمن هذه المرحلة:

مقالة ذات صلة: صياغة الاستراتيجية: ما هي، مراحلها، الأساليب التحليلية، أثر النواحي السياسية

ثانياً:- تنفيذ الاستراتيجية: Strategy Implementation

فبعد أن يتم اختيار البديل الاستراتيجي الأفضل كما هو موضح، باعتبارها العمل الأخير في المرحلة السابقة (مرحلة صياغة الاستراتيجية)، فإنه لا يكون لذلك أية قيمة ما لم تحسن الإدارة وضعها موضع التنفيذ، وهذه المرحلة تتطلب:

  1. أن تحدد المنظمة أهدافها التفصيلية (Goals).
  2. وضع السياسات.
  3. دفع العاملين وتحفيزهم للتنفيذ.
  4. تخصيص الموارد بكفاءة لتنفيذ الاستراتيجيات التي تم صياغتها بنجاح.

مقالة ذات صلة: تنفيذ الاستراتيجية: ما هي،أهميتها، مراحلها، أسباب فشلها

ثالثاً:- تقويم الاستراتيجية: Strategy Evaluation

فليس هناك عمل إدارى يعتبر كاملاً دون أن يتم تقويمه بعد تنفيذه؛ وذلك للوقوف على نتائج المرحلتين السابقتين، صياغة وتطبيق الاستراتيجية، حيث يمكن الوقوف على جوانب التجويد أو التقصير في هاتين المرحلتين من خلال عملية التقويم الجيدة والمستمرة لما تم تخطيطه وتنفيذه، وهذا بدوره يزود رجل إدارة الاستراتيجية بتدفق مستمر من البيانات والمعلومات الواقعية التى تمثل رصيدا لا يُستهان به فى بناء خبرة وتعلم متراكم، بجعل من عملية التخطيط. والتنفيذ بعد ذلك عملية أكثر واقعية وإتقانا.

ويمكن تحديد خمس خطوات أساسية على الأقل في ذلك وهي:

  • صياغة المعايير الرقابية
  • صياغة المقاييس الرقابية سهلة الاستخدام.
  • مراقبة الافتراضات الاستراتيجية.
  • وضع نظام رقابي استراتيجي الكتروني متكامل.
  • مراقبة حذرة للمستجدات.

مقالة ذات صلة: الرقابة الاستراتيجية: ما هي، أنواعها، كيفية القيام بها، شروط نجاحها
مقالة ذات صلة: مراحل الإدارة الإستراتيجية

هل الإدارة الاستراتيجية علم أم فن؟

يمكن أن ننظر إلى عملية إدارة الاستراتيجية باعتبارها”مدخلا هادفا ومنتظما لصنع القرارات الرئيسية في منظمة ما، ولكن لا يمكن اعتبار إدارة الاستراتيجية علما مجردا يؤدي في حد ذاته إلى تحقيق استراتيجيات دقيقة وصحيحة من خلال اتباع ذلك المنهج ذي الخطوات الثلاث السابق شرحها (مراحل الإدارة الإستراتيجية).

ولكن الإدارة الاستراتيجية تعتبر – في الحقيقة – محاولة لتنظيم مجموعة من المعلومات الوصفية والكمية بطريقة من شأنها أن تسمح بالتوصل إلى قرارات استراتيجية فعالة تحت ظروف عدم التأكد، التي غالبا ما تواجه أية منظمة من المنظمات؛ ومن هنا فإن القرارات الاستراتيجية مقارنة بالقرارات غير الاستراتيجية، التى تعتمد تماما على الحدس والتخمين، تقوم أساساً على معايير موضوعية وتحليل علمي، وليس على مجرد خبرة الشخص الماضية، وحكمه، ومشاعره وأحاسيسه.

ومع ذلك فإننا سوف نجد أن هناك بعض المديرين وأصحاب الأعمال ممن يملكون موهبة غير عادية في بناء وتنفيذ استراتيجيات فذة تقوم على الحدس والإلهام، ومن أمثلة هؤلاء في العصر الحديث ويل ديورانت (ًWill Durant) الذي أنشأ ونظم مؤسسة جنرال موتروز، والسيد “كوتوسوكى ماتسو شيتا” والذي أسس شركة “ماتسوشيتا” التي تنتج الاسم التجاري المشهور عالميا في مجال الأجهزة الكهربية “ناشيونال، وباناسونيك وتكذيكس”

وعلى حد قول الفريد سلون (A Sloan) فإن أحد هؤلاء إذا سألته سوف يرد عليك قائلأ:

“إننى فى كثير من المرات أشعر أننى على حق، ولكنى قد لا أعرف السبب، ولا أستطيع أن أسوق مبررات منطقية لذلك؛ فالإلهام أكثر أهمية من المعرفة، فالمعرفة محدودة بينما الإلهام والخيال لا حدود له، فالشخص الملهم يستطيع أن يملك الدنيا بأسرها ويحتويها”.

لذا قد نرى بعض المنظمات حولنا تبقى وتزدهر لأنها تملك مديرين ذوي حدس وإلهام عبقري، ولكن ليست كل المنظمات من هذا النوع؛ لذا فإن الغالبية العظمى من المنظمات يمكنها أن تستفيد من مدخل إدارة الاستراتيجية فى اتخاذ القرارات؛ ومما يزيد من صعوبة الاعتماد الكامل على الحدس والتخمين ذلك المعدل المتسارع للتغيير فى عالم يموج بالمتغيرات الكبيرة والمتلاحقة، وإذا كان مدخل الخبرة والحدس يصلح في المنشآت الصغيرة فإنه لا يصلح لصنع القرارات الاستراتيجية فى منشآت الأعمال الضخمة التى أضحت تميز عالم الأعمال اليوم.

ولكن هل معنى ذلك أننا نضع الحدس فى مواجهة المدخل الاستراتيجى فى صنع القرارات؟، إن التفكير بهذه الطريقة يعتبر فى الحقيقة خاطئا؛ فالمديرون فى جميع المستويات الإدارية يجب أن يستلهموا إلهامهم وما لديهم من حدس وإحساس، جنباً إلى جنب مع ممارسة عملية إدارة الاستراتيجية، فالتفكبر الاستراتيجى والتفكير الملهم Intuitive يمكن بل يجب أن يكمل كل منهما الأخر؛ فمدخل إدارة الاستراتيجية يسمح للمدير بوقت أطول للتفكير الخلاق الملهم، وكذلك فإن التفكير الإلهامى يكشف فى كثير من الأحيان عوامل شخصية مهمة يجب أن تؤخذ فى الاعتبار، رغم أنه قد يكون من الصعب حسابها أو التعبير عنها بلغة الأرقام والكلمات.

فجوهر عملية إدارة الاستراتيجية إذن يكمن فى أنها محاولة لمضاعفة وتعميق الاستفادة بما يجري فى عقل المخطط الاستراتيجى الملهم، من خبرة وتجربة وبصيرة وإلهام، ومن علم ومبادئ وأصول منهجية؛ وللحقيقة فإن المرء أصبح أكثر إيمانا – من خلال ما نراه فى الواقع- بأهمبة الموهبة والروح القيادية الملهمة التى تميز الإدارة الناجحة، فإن عدمت هذه الأمور فلا يمكن ان تعوضها كل علوم الأرض؛ فكثيرا ما نجد مديرين فى مواقع شتى درسوا الإدارة وعلومها وأصولها، بل وربما كانوا من القائمين على تدريسها لغيرهم، ولكنهم صاروا من أفشل الناس لما أسند إليهم مهمة إدارة موقع من المواقع.

لذا فإننى أكاد أقول بأن الإدارة عموماً وإدارة الاستراتيجية على وجه الخصوص فن وموهبة وبصيرة قبل أن تكون مجرد علم له أصول وقواعد، وإن كان هذا لا ينفي ما للعلم من اهمية وضرورة، ولكن الذي يكون أكثر انتفاعاً بالعلم هو الأكثر موهبة واستعدادا، فالناس كالأرض لا تستفيد بنفس الدرجة من الغيث، وإنما يكون اسدتفادة كل منها حسب نوعية التربة ودرجة خصوبتها.

الإدارة الإستراتيجية في الحياة الواقعية

تتمثل الإدارة الاستراتيجية في الحياة الواقعية في مجموعة من القرارات الاستراتيجية مثل إضافة منتج جديد أو استبعاد منتج قائم أو الدخول في نشاط جديد يختلف عن النشاط الحالي للمنظمة، أو اتخاذ قرار بالاندماج مع منظمة قائمة أو بدء مشروع جديد بالاشتراك مع منظمة أخرى أو اتخاذ قرار بالانفتاح على الأسواق العالمية، أو القيام بحملة إعلانية.

ويلاحظ أن القرارات التي تتضمن تغييرا داخل المنظمة لا تعتبر قرارات استراتيجية إلا إذا كانت تهدف إلى زيادة قيمة المنظمة وزيادة قدرتها التنافسية وزيادة حصتها في السوق، وبمعنى آخر فلا يوجد تصنيف للقرارات الاستراتيجية والقرارات غير الاستراتيجية فقرارات مثل إعادة التنظيم وإدخال الحاسب الآلي وتبسيط الإجراءات وتدعيم وسائل الاتصال بين فروع المنظمة وغير ذلك من القرارات الداخلية البحتة، لا تعتبر قرارات استراتيجية إذا لم تستهدف زيادة قدرة المنظمة على التعامل مع البيئة الخارجية ولكنها تعتبر قرارات استراتيجية حينما تستهدف جعل المنظمة في وضع أفضل للتعامل مع بيئتها الخارجية وجعلها أكثر قدرة على خدمة عملائها بطريقة أفضل مما يستطيعه المنافسين.

فالقرارات الاستراتيجية الداخلية هي التي تهدف التغلب على نقاط الضعف الداخلية وتنظيم استغلال نقاط القوة الداخلية بقصد زيادة قدرة المنظمة على استغلال الفرص الداخلية ومقاومة التأثيرات التي تفرضها البيئة الخارجية.

وعلى سبيل المثال فإن تدريب العاملين يعتبر قرارا استراتيجيا إذا كانت المنظمة تدرب العاملين حتى يمتلكوا المهارات والمعارف اللازمة لتحركاتها الاستراتيجية، مثل تصميم برنامج لتعلم اللغة الإنجليزية؛ لأن معظم أسواق المنظمة في الدول المتحدثة بها في حين ترى منظمة أخرى أن من الأفضل التركيز على اللغة اليابانية؛ لأن المشروعات المشتركة مع اليابان هي أحد استراتيجياتها الهامة. أما المنظمة التي تدرب العاملين لزيادة مهاراتهم بصفة عامة دون ربط التدريب بتحقيق أهداف استراتيجية محددة فإن قرارات التدريب في هذه المنظمة تعتبر قرارات غير استراتيجية.

مقالة ذات صلة: تحليل سوات SWOT: ما هو، اهميته، كيفية تنفيذه، استراتيجياته، أمثلة عليه

فى النهاية آخر نقطة انت من ستضيفها فى التعليقات، شارك غيرك ولا تقرأ وترحل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *